يُعد فصل الربيع بما فيه من أجواءٍ جميلة ومظاهر تجدّد للحياة النباتية التي تسلط الضوء على الجانب المحبّب لدى نفوسنا. ولكن بالنسبة للبعض الآخر فيحل لديهم كابوس التحسس الربيعي مع حلول هذا الفصل، فما هو سبب انتظارهم لانتهاء هذه الفترة بفارغ الصبر؟
ما هو التحسس الربيعي؟
التحسس الربيعي هو استجابة الجسم نتيجة التعرض لتأثير مادة يعتبرها الجسم غريبة عنه سواء كانت المادة داخلية أم خارجية. حيث تدخل هذه المادة إلى الجسم عن طريق الجهاز التنفسي أو الهضمي أو حتى من خلال اللمس. والأكثر عرضاً للإصابة بالتحسس الربيعي هم الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 12 إلى 17 عاماََ. وذلك تبعاََ لقوة الجهاز المناعي في أجسامهم.
ما هي أسباب الإصابة بالتحسس الربيعي؟
تبعاََ للاسم، يحصل التحسس الربيعي في فترة الربيع. وذلك لأنه في هذه الفترة تكون الأجواء مليئة بحبوب اللقاح الصغيرة التي تطلقها الأشجار والأعشاب. فيكون تأثير هذه الحبوب على بعض الأجسام كتأثير المواد السامة. وبالتالي يقوم الجسم بتحفيز جهاز المناعة لمقاومة هذه المواد، وتعتبر المواد التالية من أبرز المسببات التي تؤدي لحدوث التحسس الربيعي:
1. الأشجار والأعشاب
تطلق أزهار الأشجار والأعشاب حبوب اللقاح التي تنتشر في الجو ليحدث التلقيح وإنتاج الثمار، تلك الحبوب هي السبب الرئيسي للتحسس الربيعي. فنلاحظ ظهور أعراضه خلال هذه الفترة.
2. عث الغبار
هذا النوع من المسببات يتواجد بكثرة في المنازل ضمن الأثاث المنزلي وألعاب الأطفال وخاصة ألعاب الفرو والألعاب المحشوة. فتسبب ضيق وصعوبة في التنفس.
3. العفن
يعتبر العفن من أسوأ مسببات التحسس الربيعي، حيث أن ظهور أعراضه تكون أقوى وأشد تاثيراََ بالمقارنة مع باقي المسببات.
هل التحسس الربيعي وراثي أم لا؟
بالملاحظة في أغلب أمراض الحساسية فقد كان هناك تأثير للعامل الوراثي ضمن العائلة الواحدة بشكل كبير. مما يجعل انتشار ونقل التحسس ضمن أفراد العائلة نفسها يكون ممكن بصورة كبيرة أكثر من غيرهم. ولكن بالطبع يجب ألا ننسى أن التأثير يختلف تبعاََ للأشخاص ومدى تأثرهم به.
أعراض التحسس الربيعي
عند التأثر بمسببات الحساسية يقوم الجسم بالاستجابة لها عن طريق جهاز المناعة بشكل كبير بصورة غير طبيعية. وعندها تبدأ الأعراض التالية بالظهور:
• سيلان وحكة في الأنف.
• فرط دمع العين مع حكة شديدة.
• العطاس والسعال.
• صداع الرأس في أغلب الأحيان.
• ظهور الهالات السوداء حول العين.
• ضيق بالتنفس وخاصة عند مرضى الربو.
وقد تتسبب الأعراض السابقة للمصاب بمشاكل كبيرة، بحيث يصبح من الصعب عليه ممارسة أعماله وروتينه اليومي. بالإضافة لعدم القدرة على النوم بشكل طبيعي. فلا يمكننا ترك هذه الحالات بدون علاج أو وقاية، لأنها قد تودي إلى حصول التهابات مزمنة وقد تنتقل من الأنف إلى القصبات الهوائية فتسبب أمراض مزمنة مثل الربو.
فترة ظهور التحسس الربيعي وإلى متى يمكن أن تستمر
مع بدء فترة لقاح الأشجار والأعشاب تبدأ فترة الحساسية حيث أن لقاح الأشجار يبدأ في شهري مارس وأبريل والنصف الأول من مايو. بالإضافة إلى فترة لقاح الأعشاب والخضروات من منتصف مايو حتى أوائل يوليو.
وقد لا يقتصر التحسس على المدة المذكورة آنفاً. حيث أنه وفي الكثير من الأحيان قد يعاني العديد من الأشخاص من أعراض التحسس على مدار السنة. ويمكن أن تزيد هذه الأعراض مع ارتفاع درجات الحرارة، أي في الفترات الأكثر دفئاََ وذلك بسبب تأثير الطقس على كثافة وجود حبات اللقاح ضمن الجو.
ونظراََ لحالة هؤلاء الأشخاص نجد أنهم ليسوا حساسون لحبوب اللقاح والعفن فقط. إنما حساسون أيضاََ تجاه الغبار ووبر القطط والكلاب. أما خلال فترات المطر، فيكون وجود حبات اللقاح أقل، وذلك لأن المطر يغسل هذه الحبوب من الهواء. نتيجةّ لذلك نجد تفسير سبب زيادة حبات اللقاح في الأوقات الدافئة عن غيرها من الأجواء.
علاج حساسية الربيع باستخدام الأدوية والعلاج المنزلي
العلاج باستخدام الأدوية الطبية
علاج حساسية الربيع يعني علاج الأعراض وبالتالي استعمال الأدوية التي تمنع أو تقلل من ظهور الأعراض نتيجة التحسس، ومن هذه الأدوية:
الأدوية الطبية المضادة للهستامين
تقوم هذه الأنواع من الأدوية الطبية بتخفيف أعراض التحسس مثل الحكة والعطاس حيث أنها تقوم بالتقليل من إفراز الهيستامين في الجسم البشري.
الأدوية الطبية المزيلة للاحتقان الأنفي
تكون هذه الأدوية على شكل مضادات فموية، أو الرذاذ الأنفي (البخاخ الأنفي)، حيث تقوم بتخفيف احتقان الأنف. وذلك بواسطة تضييق الأوعية الدموية الموجودة ضمن الأنف.
جديرٌ بالذكر أن بخاخات الأنف تعتبر أكثر فاعلية وأقل أعراضاً جانبية بالمقارنة مع مضادات الاحتقان الفموية.
بالإضافة إلى أنه يجب التنويه على عدم استعمال حبوب الحساسية أو حتى إبرة التحسس الحاوية على الستيروئيدات وذلك لفترة متواصلة لأكثر من خمسة أيام. وذلك لما لها من تأثيرات جانبية قد تصل إلى تفاقم الأعراض عوضاََ عن علاجها.
القطرات العينية المخففة لحساسية العين
تقوم هذه القطرات بتخفيف أعراض تأثيرات التحسس الربيعي بالنسبة للعين كسيلان العين وتهيجها واحمرارها.
البخاخات الأنفية التي تحتوي على الستيروئيد
يمكننا اعتبار أن هذا الرذاذ الأنفي هو أفضل خيار للوقاية من التحسس الربيعي وعلاجه.
العلاج ضمن المنزل بعيداََ عن استخدام الأدوية
يمكننا تخفيف بعض أعراض التحسس باستخدام بعض الأعشاب والقيام ببعض إجراءات الوقاية ومنها:
تثبيط إفراز الهيستامين في الجسم وذلك بواسطة مادة الكريستس والتي يمكننا الحصول عليها من البصل والشاي الأسود والتفاح. وبالتالي التخفيف من أعراض التحسس.
الحرص على استعمال غسول الأنف، إما الغسول المتوفر ضمن الصيدلية أو الغسول بالماء والملح في المنزل.
كثرة شرب الماء بما لا يقل عن ثمانية أكواب ضمن اليوم الواحد.
الحرص على الحصول على كمية كافية من فيتامين سي بتناول الأطعمة الغنية به كالحمضيات. بالإضافة إلى ذلك القيام بالتنظيف الدائم والمستمر للمنزل من الغبار والحرص على إغلاق النوافذ خلال فترة لقاح الربيع واستخدام جهاز تنقية للهواء. والابتعاد قدر الإمكان عن وبر القطط والكلاب والتلامس المباشر أو الغير مباشر معها.
ولا ننسى أنه في بعض الحالات من الضروري ارتداء قناع طبي للوجه واستعمال النظارات الشمسية عند الخروج من المنزل أو عند القيام بالأعمال المنزلية. وأيضاً الاستحمام بشكل جيد مع غسل الشعر جيداََ وتغيير الملابس بشكل مناسب مع خلع الأحذية والملابس عند العودة للمنزل في فترات اللقاح الربيعي.
هل يمكن علاج حساسية الأنف بشكل نهائي؟
السؤال الأكثر انتشاراََ هو إمكانية علاج حساسية الأنف التي ترافق التحسس الربيعي بشكل نهائي. إلا أنه حتى يومنا هذا لم يتم الحصول على علاج شاف لهذه الحالة. حيث أن العلاجات والإجراءات المستخدمة هدفها السيطرة على أعراض التحسس.
وتختلف النتائج والعلاج وكمية الاستفادة تبعاََ لحالة الشخص ومدى قوة جهازه المناعي واستجابة الجسم. بالإضافة إلى أنه في بعض الأحيان تكون الحالة غير شديدة وتستجيب بسهولة للمعالجات الدوائية وبعضها تحتاج إلى فترات طويلة الأمد.
بالمحصلة إلى الآن لا يمكن علاج الحساسية الناتجة عن التحسس الربيعي نهائياََ. لذلك لابد لنا من اتباع أساليب الوقاية قدر الإمكان والاستمتاع بجميع تفاصيل الربيع وأيام الفصول الأخرى.