بعد قضاء يوم متعب في العمل تعود إلى المنزل، تطلق سراح شهيتك لتتناول العشاء وتركض إلى سريرك. تعانق وسادتك وتستسلم للنوم طلباً للراحة. وأثناء النوم أنت معرّض إما لأن ترى حلماً سعيداً، وبذلك تنعم بنوم مريح. أو تتعرض لرؤية كابوس، وبذلك تستيقظ منزعجاً، بل وربما مرعوباً. طبعاً يعود الفضل في إمكانية رؤيتك للأحلام إلى رؤيتك لواقعك بشكل يومي، وقدرة عينيك على تسجيل الصور في دماغك. فماذا؟ لو كنت ضريراً؟! هل تساءلت يوماً إن كانت أحلام المكفوفين بنفس الطريقة التي نحلم بها؟
هل حقاً من فقد القدرة على الرؤية يستطيع أن يرى الأحلام والكوابيس بشكل طبيعي؟
هل يرى المكفوف أحلاماً مصورة؟
في الواقع إن الأشخاص الذين ولدوا مكفوفين ليس لديهم أي فهم لكيفية عمل البصر. فهم يستطيعون تعريف البصر، لكنهم لا يعرفون ما هو. وحتى نقرّب لك الفكرة أكثر فنحن جميعاً نعلم ما هو التخاطر ولكننا لا نستطيع ممارسة التخاطر وقراءة الأفكار.
وبسبب هذا الأمر فهم لا يتمكنون من الرؤية في أحلامهم تماماً كما لا يستطيعون في عالم اليقظة.
طبعاً عدم تمكنهم من الرؤية في الأحلام لا ينفي عدم رؤيتهم للأحلام. فبدلاً من ذلك، وكما هو الحال مع حياتهم في عالم اليقظة، فإن أحلام المكفوفين مرتبطة بحواسهم الأخرى.
ما هي أحلام المكفوفين؟
قبل تفصيل أحلام المكفوفين لابد من الإشارة إلى وجوب معرفة أن المكفوفين يقسمون إلى نوعين. من ولد ضريراً ومن فقد القدرة على الرؤية بعد الولادة إثر حادث ما.
فقد وجدت دراسة دنماركية أُجريت عام 2014م أن أحلام المكفوفين الذين ولدوا كذلك لا يمكن أبداً أن تكون مصوّرة. وبالمقابل فإن الذين ولدوا وهم يملكون القدرة على الرؤية ثم فقدوها لاحقاً؛ يتمكنون من رؤية الأحلام مصورّة كما نراها نحن.
ولكن مع مرور الوقت، تصبح هذه الإمكانية في رؤية أحلام طبيعية أقل فأقل. حتى في النهاية يتوقفوا عن الحلم بشكل بصري مع الأسف.
يمكن أن نشبه الأمر كما كان الناس في الماضي يجدون صعوبة في تذكر شكل أقاربهم المفقودين دون وجود أي صور لتذكيرهم بملامحهم. فالوقت لص، والذاكرة كالمصفاة، دائماً ما تتسرب الذكريات القديمة وتضيع عندما نقوم بتخزين ذكريات جديدة.
حيث أن هذه الذكريات الجديدة التي تكون مرتبطة بأشياء أخرى غير البصر تغسل وتمحو الذكريات البصرية القديمة. وبالمثل فإن هذه أحلام المكفوفين الغير مرئية تغسل وتمحو الأحلام البصرية.
كوابيس المكفوفين أكثر بأربعة أضعاف!
جديرٌ بالذكر أن نفس البحث قد أظهر شيئاً آخر مثيراً للاهتمام. حيث يميل الأشخاص المولودين مكفوفين إلى رؤية المزيد من الكوابيس عن نظرائهم غير المكفوفين في نسبة تصل إلى أربعة أضعاف.
فمن المعتقد عموماً وبشكل شائع أن أغلب الكوابيس هي تدريبات ذهنية لأحداث تكون مزعجة لنا في عالم اليقظة. وقد قامت أدمغتنا بتطويرها كآلية للتكيف لتجعلنا نشعر بالتحسن تجاهها في الواقع عندما نكون مستيقظين.
بالنسبة لمعظم المكفوفين، فإن معظم المهام اليومية البسيطة أو المعقدة تأتي مع عدة مخاطر. كالضياع أثناء التسوق أو الاصطدام بسيارة أثناء محاولة عبور الشارع على سبيل المثال.
لذا فهم يتعرضون إلى رؤية الكوابيس بنسبة أكبر من الذين يستطيعون الرؤية.