أقسام الوصول السريع (مربع البحث)

آخر الأخبار

معدة الحلويات: متلازمة تثير رغبة الدماغ في تناول الحلويات حتى بعد الشبع!

 بلا أدنى شك جميعنا مرّ في تلك اللحظة القاسية عندما نشبع من تناول الحلويات ونشعر بالتخمة ولكننا مازلنا نحتفظ برغبة بأكل المزيد منها. إن كنت تظن الأمر لمجرد كون الحلويات شهية فتبقى تشعر بإرادة في تناول المزيد فأنت مخطئ. حيث كشفت دراسات جديدة أن هذا الفعل يقوم به الدماغ، حيث يقوم بإعادة إثارة شهيتك حتى بعد أن يشعرك بالشبع. وقد سميت هذه الآلية بمتلازمة "Dessert Stomach". ويمكن ترجمتها إلى متلازمة معدة الحلوى أو متلازمة معدة الحلويات.

رسم رقمي لدماغ موصول به خيط وبالطرف الآخر يتصل الخيط بطبق عليه قطعة حلوى

سنستعرض سوياً في هذه المقالة كيف تعمل هذه المتلازمة، وما هي الآليات العصبية التي تجعلنا نطلب الحلويات حتى وإن شعرنا بالتخمة. وسنناقش أهميتها بالإضافة إلى تطبيقاتها المحتملة لعلاج مشاكل الوزن.


آلية عمل عمل متلازمة معدة الحلويات

تعمل المتلازمة في الدماغ عبر آلية مركبة تجمع بين إشارات الشبع من الطعام وإشارات الرغبة في تناوله. فتعمل خلايا عصبية تسمى خلايا POMC على إفراز مواد كيميائية تساهم في تنظيم الشعور بالشبع عند تناول الطعام.

ولكن وبحسب مجلة Science Daily فإن المفاجأة تكمن في أن هذه الخلايا لا تتوقف عند تحقيق الإحساس بالشبع؛ بل تبدأ بإفراز مادة ß-endorphin، وهي مادة شبيهة بمادة الأفيون تعمل على تحفيز الشعور بالمكافأة والسعادة. حيث تؤدي إلى جعلنا نشعر بالرضا عند استهلاك المزيد من السكر.

وبالتالي يقدم الدماغ تأثيراً مزدوج إذ نشعر في تلك الحالة بالشبع أولاً، ثم تنشط رغبتنا في تناول المزيد من الحلويات.


الأدلة من التجارب على الفئران والبشر

أجرى الباحثون تجارب عديدة على الفئران لاكتشاف متلازمة معدة الحلويات. وفي التجربة تم إعطاء الفئران محلول سكري فلاحظوا أن الفئران حتى بعد أن شعرت بالشبع استمرت بتناول المحلول. وقد ساعدت الفحوصات المخبرية على هذه الفئران على تحديد نشاط خلايا POMC وإفراز ß-endorphin الذي يبدأ قبل تناول السكر حتى..

فمجرد أن تلمس الحلويات وتهم بتناول المزيد تبدأ الخلايا بإفراز المادة.

لم يتوقف البحث عند الفئران، بل خضع متطوعون بشريون لمسح دماغي أثناء حقنهم بمحلول سكري عبر أنبوب. فأظهرت الصور الشعاعية نشاط نفس المناطق التي تم تحديدها في تجارب الفئران. وبذلك استطاع الباحثون إثبات أن النتائج بين التجارب على الفئران والبشر متوافقة. مما يعزز فكرة أن متلازمة معدة الحلويات ليست مجرد ظاهرة حيوية لدى الحيوانات فقط، بل تمتد لتشملنا نحن البشر أيضاً.


أهمية متلازمة معدة الحلويات

إذا ما نظرنا إلى مواردنا المحدودة على كوكبنا، فإننا سنرى السكر ضمن تلك الموارد؛ فهو من المصادر النادرة للطاقة في الطبيعة وللكائنات الحية على وجه الخصوص. لذلك خُلقت أدمغتنا معتادة على طلب هذه المادة وتخزينها.

وبالتالي نستطيع القول أن متلازمة معدة الحلويات ماهي إلا طريقة للحصول على المزيد من الطاقة عن طريق تخزين السكريات. حيث أن إفراز ß-endorphin عند وبعد تناول السكر لا يحفزنا على الشعور بالسعادة والرضا فقط، بل يُحفزنا أيضاً على إعادة استهلاك السكر عندما لا يكون متاحاً، مما يقنع أدمغتنا بوجود المزيد من فرص الحصول على الطاقة الضرورية لضمان استمرار دورة الحياة داخل أجسامنا.

علاوة على ما سبق تظهر لنا هذه المتلازمة أن الدماغ يعمل بنظام مكافأة دقيق يهدف إلى تعزيز سلوكياتنا التي تزيد من فرص النجاة. وهذا النهج التطوري يُفسر لماذا نظل كبشر متأثرين برغبة تناول المزيد من الحلويات حتى بعد الوصول إلى الشبع.


تطبيقات محتملة للمتلازمة في علاج البدانة

يمكن أن تحمل متلازمة معدة الحلويات تداعيات علاجية هامة في مجال علاج البدانة. فقد وجد الباحثون أن استخدام أدوية تعيق مستقبلات الأفيون في الدماغ قد يقلل من رغبة استهلاك السكر لدى الأشخاص الذين يعانون من زيادة الوزن.

حيث تشير الدراسات إلى أن حجب مسار مادة ß-endorphin يؤدي إلى تقليل رغبتنا في تناول الحلويات عندما وصولنا إلى شعور الشبع. ولكن لا يزال يتوجب إضافة مثبطات الشهية إلى هذا النهج للحصول على نتائج فعالة.

وبالمجمل فإن النتائج الأولية تشير إلى أن تعديل هذا المسار العصبي له تأثير إيجابي على تنظيم الوزن وتقليل تناول السكريات. وهو ما يفتح آفاقاً واعدة للبحوث المستقبلية في علاج السمنة وتحسين صحة الإنسان.

نهايةً.. في المرة المقبلة عندما تشعر بالشبع وتشعر برغبة عميقة بتناول المزيد من الحلويات؛ اعلم أن الأمر لا يتعلق فقط بمنظر الحلوى الشهي وإنما دماغك متواطئ بالأمر أيضاً.

AYA BRIMO
AYA BRIMO