أقسام الوصول السريع (مربع البحث)

شريحة نيورالينك الدماغية.. كل ما نعرفه عن شريحة ماسك المستقبلية

مع تسارع وتيرة الإدهاش التي يقدمها لنا الذكاء الصناعي، والتي تتنافس عليه الشركات التي تتسابق في طرح نماذج مرعبة في مكان ما ومثيرة للدهشة في مكان آخر. بدأ يبرز استخدام الذكاء الاصطناعي في الطب وخاصة في مجال علاج الشلل بأنواعه (الحركية، العقلية، النطقية …إلخ). فبالتزامن مع نجاح أطباء سويسريين في تمكين شخص من المشي بعد 12 سنة عانى فيها من الشلل بواسطة غرسة شوكية. بدأت تتردد على مسامعنا شريحة نيورالينك التي يقدمها إيلون ماسك. خاصة بعد موافقة هيئة الغذاء والدواء الأمريكي (FDA) على إجراء تجارب سريرية على البشر باستخدام شريحة ماسك هذه.

شعار شركة نيورالينك بجانبه دماغ عليه حساسات طبية

لذا سنتعرف في هذا المقال على شريحة نيورالينك وكل ما يجب أن نعرفه عن شريحة الدماغ المزروعة جراحياً..


ما هي شركة نيورالينك؟

شركة نيورالينك (Neuralink بالإنجليزية). شركة أسسها الملياردير الأمريكي إيلون ماسك مع ثمانية رجال أعمال آخرين؛ هم (بن رابوبورت، دونغ جين سيو، ماكس هوداك، بول ميرولا، فيليب سابس، تيم جاردنر، تيم هانسون، فانيسا تولوسا). وذلك عام 2016م. هدفها هو العمل على تطوير واجهة تواصل بين الدماغ والحاسوب، قادرة على ترجمة الأفكار إلى أفعال. وذلك عن طريق الغرس الجراحي لشريحة عصبية مدمجة ومصممة لفك الشيفرات والتحفيزات التي يطلقها الدماغ.


ما هي شريحة نيورالينك الدماغية؟

نيورالينك هي شريحة إلكترونية حجمها ليس كبيراً فهو مقارب لحجم العملة المعدنية. سيكون مكان زرعها تحت الجمجمة مباشرة، لتستطيع تلقي المعلومات من الأعصاب المنتشرة في الدماغ. يحتوي كل سلك يخرج من الشريحة على 1024 قطب كهربائي. تعمل هذه الأقطاب كمستشعرات قادرة على بث وتسجيل الإشارات الكهربائية من الدماغ (تحفيزات الدماغ). وهي دقيقة ورفيعة جداً بالإضافة إلى تمتعها بمرونة عالية، بحيث يستحال زراعتها باليد البشرية دون تدخل الروبوتات الجراحة. لذا فإن شركة نيورالينك صممت أيضاً روبوتاً آلياً بالكامل؛ للجراحة العصبية الخاصة بزراعة الشريحة الدماغية.

روبوت زراعة شريحة نيورالينك

وبالإضافة إلى ذلك تعمل الشركة أيضاً على تطوير تطبيق يسمح لأي شخص بالضغط على لوحة المفاتيح وتحريك الماوس باستخدام عقله. وذلك عن طريق ربط التطبيق بالشريحة.


كيف تعمل شريحة نيورالينك؟

العالم سومنر نورمن من شركة Convergent Research غير الربحية قال: ” إن تقنية نيورالينك الأساسية تعمل بنفس الطريقة الفيزيولوجية الكهربية للدماغ”

فالإشارات الكهربائية (التحفيزات) في نظامنا العصبي تنشأ عندما تتواصل الخلايا العصبية مع بعضها البعض عبر فجوات بين الخلايا العصبية والتي تعرف باسم "المشابك العصبية". هذا النشاط الدماغي تلتقطه الأقطاب الكهربائية (الخاصة بالشريحة)، أو بالمعنى الأدق تلتقطه المستشعرات لتقيس فرق الفولت ومدى تغيره عن حالة السكون أو اللا تحفيز. ومن ثم تفسّر الإشارة لفعل ما، ولا يتم التقاط بيانات نشاط دماغنا فقط عند اتخاذ إجراء ما، ولكن أيضاً حتى عندما نفكر في اتخاذ إجراء.

وقالت سونال بابيروال، الباحثة في جامعة مدينة دبلن. والتي تعمل على تطوير خوارزميات التعلم الآلي المدمجة في الشرائح الدماغية القابلة للارتداء: “إن الشريحة ببساطة شديدة تقيس نشاط الدماغ وتفسره كإجراء”.

كما أن بابيروال شبّهت هذا الإجراء بكيفية تفسير ضغط الدم لمستوى المريض من التوتر أو الاسترخاء. مضيفةً: “بالمثل مع إشارات دماغك – عيونك مغلقة أو مفتوحة، تلك تحدد حالة الاسترخاء أو النوم عميق، أو حالة العمل أو التركيز.. يمكن اكتشاف كل هذه الجوانب”. أي أنك مثلاً في حال كنت نائم، فإنك ستكون مغمض العينين ومسترخياً. والشريحة تستطيع تفسير وفهم ذلك.

ونظراً لأن مثل هذه الأجهزة تسجل مجموعات من البيانات المعقدة، فإن استخدام خوارزميات التعلم الآلي ونماذج الذكاء الاصطناعي الأخرى أمر لا مفر منه لفهم وتنسيق المعلومات.


ما الذي ستقدمه شريحة نيورالينك؟

وفقاً لـ موقع شركة نيورالينك؛ فإن الهدف الأولي هو مساعدة أولئك الذين شُلّت حركتهم على استعادة مهارات الاتصال التي فقدوها. بعد ذلك، تعتزم متابعة استعادة الوظائف الحسية والبصرية بالإضافة إلى علاج الاضطرابات العصبية. حيث أن نيورالينك ستكون قادرة على تعزيز الذاكرة البشرية والتحكم بمعالجة القدرات المعرفية من خلال إنشاء جسر مباشر ما بين الدماغ البشري والأجهزة الرقمية.

صورة تبين مكونات شريحة نيورالينك

وتتمثل رؤيتها بعدة إنجازات تتطلع إلى تحقيقها؛ أهمها:

استعادة القدرة على الحركة

يمكن استخدام رقاقة نيورالينك الدماغية للتحكم في الأطراف الصناعية أو الهياكل الخارجية كالروبوتات. حالة الاستخدام هذه ستمكّن الأشخاص المصابين بالشلل أو الذين تعرضوا لحالة بتر أحد أطرافهم من استعادة مستوى معين من الحركة. فبالتأكيد لن تكون الحركة سلسة وسريعة ومتناسقة بنسبة عالية وقريبة من حركة الأشخاص الطبيعيين.

تحسين وتعزيز القدرات المعرفية

تقنية شريحة نيورالينك نتوقع منها مساعدة الأشخاص على تحسين تركيزهم وذاكرتهم. وذلك من خلال السماح لهم بتحفيز عقولهم على استخدام الارتجاع البيولوجي في الوقت الفعلي. فعلى حد تعبير إيلون ماسك، إنّ نيورالينك هو نوع من الشرائح التي ستسكن دماغك. والتي تأتي مع جميع المستشعرات التي تتوقع رؤيتها في ساعة ذكية.

تحسين التواصل للأفراد الغير ناطقين

تصبُّ الشركة تركيزها الأساسي على مساعدة الأشخاص الغير قادرين على التكلم أو الكتابة على مواقع التواصل الاجتماعي مع الآخرين. وذلك من خلال السماح لهم بالتحكم بالماوس أو بلوحة مفاتيح افتراضية لتصفح الويب (مثلاً) عن طريق التفكير فقط.

علاج الحالات العصبية

من خلال مراقبة نشاط الدماغ، قد تتمكن شريحة نيورالينك والحاسوب المتصل بها من اكتشاف التغيُّرات التي قد تشير إلى حالات عصبية. كالصرع والاضطراب ثنائي القطب واضطراب الوسواس القهري ومرض الزهايمر وداء باركنسون. وأيضاً سنتمكن من استخدامها لمراقبة أعراض مرضى الصحة العقلية.

وقد أشار سومنر نورمن إلى أنه يمكن إيصال التحفيز الكهربائي إلى مناطق محددة في الدماغ لعلاج الإرهاق والقلق والاكتئاب. والتي عادةً تنتشر في جميع أنحاء الدماغ، على عكس النشاطات الحركية التي تتركز في منطقة واحدة من الدماغ.


إيلون ماسك وشريحته الدماغية:

إيلون ماسك مؤمن جداً بنجاح شريحة نيورالينك بفعالية كبيرة، حيث أنه يراها قنبلة موقوتة ستدفع الطب إلى مكان متقدم فور انفجارها. ولا عجب في ثقته تلك فهو يحب تبني الأفكار العلمية الغريبة والمثيرة لعدة تساؤلات، وحتى أن تصريحاته تثير تساؤلات أكثر. فقد صرّح مرة أنه مستعد لتجربة الشريحة على أبنائه!!

ومصر على أن مزاعمه حول أن أجهزته العصبية ستسمح للأشخاص المصابين بالشلل النصفي باستعادة الحركة. واستعادة الرؤية لمن يولدون مكفوفين، هي حقيقة ستتحقق في القريب العاجل.
حيث أن ماسك يعتقد أن تكنولوجيا نيورالينك ستمكّن البشر من تحقيق حالة تكافؤ مع الذكاء الاصطناعي، وسيكون بإمكاننا دمج أدمغتنا بسهولة مع الحواسيب.

هل تم تجربة الشريحة على البشر؟

في البداية تجارب شريحة نيورالينك بدأت على الخنازير والقرود والفئران. وحتى الـ 25 من شهر مايو لعام 2023م لم يُسمح لشركة نيورالينك إجراء أي تجارب سريرية على البشر. ولكن في التاريخ المذكور آنفاً أعلنت نيورالينك أنها حصلت على الموافقة من هيئة الغذاء والدواء الأمريكية لإجراء اختباراتها الأولية على البشر.


فضائح شركة نيورالينك

لم تسر كل الأمور كما كانت تطمح شركة ماسك. ففي ديسمبر من عام 2022م خضعت الشركة لتحقيق فيدرالي حول ادعاءات لانتهاكات محتملة بحق الحيوانات. وجاءت تلك الادعاءات وسط تصريحات عدّة خرجت من موظفي الشركة، أفادت بأن تكرار التجارب بشكل سريع تسبب في معاناة الحيوانات ووفاتها، وأحياناً وصلت إلى جنونها (كالقردة)، وانتحارها!

بالطبع سبب تكرار التجارب بشكل سريع دون إجراء دراسات مطولة عن النتائج هو ضغط ماسك على الشركة للإسراع في تطوير الشريحة. ولكن الإسراع لم يكن في صالحه؛ حيث أفادت تقارير أن الشركة تسببت في قتل أكثر من 1500 حيوان بسبب فشل التجارب.

 

آخر أخبار وتطورات زراعة شريحة نيورالينك

في شهر يناير 2024م أعلن إيلون ماسك عبر تغريدة على منصة X أن أول عملية لزراعة شريحة نيورالينك تمت بنجاح. ماسك قال أن الشريحة سيطلق عليها اسم تيموباثي موضحاً أن المريض الذي خضع لعملية الزراعة يتماثل للتعافي بشكل جيد وأن نتائج عملية زراعة الشريحة في الدماغ تبدو واعدة جداً.

ومن ثم عاد إيلون ماسك في 20 فبراير 2024م ليعلن أن المريض تعافى تماماً وأصبح قادراً على أن يتحكم بفأرة الكومبيوتر وتحريكها عبر استخدام التفكير فقط. موضحاً أن الشركة الآن تسعى إلى تحسين عدد نقرات وحركة الماوس التي يقوم بها المريض عبر شريحة نيورالينك دون إضافة معلومات أكثر عن الموضوع.


وبالأمس بتاريخ 22 مارس 2023م، أعاد ماسك نشر أول تغريدة تم إنشاءها باستخدام التفكير فقط ونشرها على منصة X!

التغريدة تعود للمريض نولاند أربو الذي خضع لزراعة أول شريحة من نيورالينك وهو مواطن أمريكي حسب معلومات حسابه على المنصة، وقد كتب نولاند في التغريدة المكتوبة بالتفكير فقط "لقد حظرني تويتر لأنه ظن أني روبوت، وأعادني كل من X وإيلون ماسك لأني كذلك"

تغريدة لـ نولاند أربو قام نشرها عن طريق التفكير فقط

ما هو سعر شريحة نيورالينك؟

يتسائل البعض عن سعر شريحة نيورالينك الدماغية والبعض الآخر بدأ في تداول أرقام خيالية عنها. ولكن في الواقع لم تصبح رقاقة نيورالينك متاحة للشراء بعد، فهي الآن ضمن مرحلة الاختبارات السريرية على البشر ومن غير المعلوم متى ستكون متاحة.

الأسس التي تختار عليها الشركة المرضى لإجراء التجارب السريرية غير معروفة أيضاً. ولكنها قامت بإطلاق ما يسمى سجل المرضى، بهدف جمع معلومات طبية يشاركها المرضى الذين يمكن أن تفيدهم الشريحة معها. حيث تقول الشركة على موقعها الرسمي أن ذلك السجل يساعدها على التواصل مع مجموعة متنوعة من المرضى ذوي الحالات المختلفة وفهم احتياجاتهم. وبالتالي تستطيع تحديد أهمية وأولوية خضوع أي مريض لتجاربها السريرية.

شركة نيورالينك تشترط حالياً للمشاركة في سجل المرضى، أن يكون المريض مقيماً في أمريكا ويبلغ من العمر 18 عاماً فما فوق ليتمكن من الموافقة. إضافة إلى ذلك يجب أن يكون مصاباً بالشلل الرباعي أو شلل نصفي. أو أن يعاني من فقدان للبصر أو فقدان السمع. ويمكن لمن لا يمتلك القدرة على الكلام أو لديه حالة بتر لأحد الأطراف أن يشارك أيضاً.

ختاماً عن الشريحة ومستقبلها

على الرغم من أن فكرة شريحة نيورالينك قد تبدو مجنونةً، إلا أنها في حال نجحت فالنتائج ستكون مبهرة.. استعادة الحركة لشخص أصيب بالشلل أو أن يتمكن ضرير من رؤية الألوان مرة أخرى سيكون أمراً مثيراً وضربة صارخة في الطب. ولكن يبقى السؤال القوي.. بالتأكيد بتنا نعلم أن خدمة الإنسانية بالمجان ليست من أهداف إيلون ماسك. لذا لمن ستكون متاحة شريحة نيورالينك؟ هل ستقتصر زراعتها على النخبة وأصحاب الدخل العالي من الأموال؟ أم أننا سنرى تدخلاً من قبل منظمة ما لإتاحتها أمام جميع من يحتاجها بحق؟!



AYA BRIMO
AYA BRIMO