أقسام الوصول السريع (مربع البحث)

الغرسة الشوكية.. جسر رقمي يساعد المصاب بالشلل على المشي مجدداً!!

تمكّن فريقٌ من علماء الأعصاب في سويسرا من مساعدة جيرت جان أوسكام على المشي مرة أخرى باستخدام الغرسة الشوكية بعد إصابته بالشلل لمدة 12 عاماً. وذلك أثر إصابة بليغة ولكنها جزئية في الحبل الشوكي، حدثت بسبب حادث دراجة نارية أليم. وقال له الأطباء أنه لن يتمكن من المشي ثانيةً.

تلافيف من الدماغ تتوضع عليها أقطاب

ولكن بفضل هذا الإنجاز الذي يعود إلى غرسة شوكية تساعد على تنشيط الجهاز العصبي. وإنشاء جسر رقمي بين الدماغ والحبل الشوكي مكان الجزء المتضرر استطاع أن يمشي مجدداً.

رجل يمشي باستخدام دعامة مشي

أولاً: ما هو الشلل؟

قد تعتقد عزيزي القارئ أن المشي عملية سهلة تتجلى بتحريك قدميك للأمام الواحدة تلو الأخرى. ولكن في الحقيقة خلف الكواليس تحدث الكثير من الأمور حتى تتم حركة المشي. فحتى تقوم ساقيك بالتحرك للأمام أو الخلف يتعين على دماغك إرسال أمر تنفيذي إلى الخلايا العصبية الموجودة في النخاع الشوكي ضمن المنطقة القطنية العجزية. هذه الخلايا تقوم بدورها بتمرير هذه الأوامر إلى أطرافك السفلية، أي ساقيك، محدثة بذلك فعل الحركة. ولكن ماذا إذا حدث ضرر في المسار ما بين الدماغ والخلايا العصبية في النخاع الشوكي؟

هذا صحيح لن تصل الأوامر التنفيذية لأمر الحركة وبذلك يحدث الشلل لأطرافك السفلية، أي أنها تصبح عاجزة عن تلقي الأوامر. وهو ما حدث لجيرت أوسكام. فهو رجل تعرض لتلف نادر في الخلايا العصبية الموجودة في النخاع الشوكي بذات المنطقة المذكورة آنفاُ. وذلك ما سبب لدماغه العجر عن شحن الأوامر إلى أطرافه السفلية. والجسر الرقمي الذي شكلته الغرسة الشوكية قام بحل مشكلة التواصل هذه.

 

ما هي الغرسة الشوكية التي استخدمت في حالة أوسكام؟

تتمثل الغرسة الشوكية التي استخدمت في حالة جيرت جان أوسكام بداية بزرع غرستين في جمجمة أوسكام. وزرع غرسة ضمن الحبل الشوكي بعد منطقة التلف باتجاه أطرافه السفلية. الغرسات الموجودة في الدماغ تلتقط الأوامر التنفيذية التي تصدر عنه على شكل إشارات كهربائية والمتجهة إلى الأطراف السفلية. والتي قام العلماء بفك تشفيرها باستخدام الذكاء الاصطناعي وطابقوها بحركات العضلات.جيرت جان أوسكام يضع على رأسه أحد أجهزة الغرسة الشوكية ويبتسم

ومن ثم تقوم الغرسات بإرسال الإشارات إلى أجهزة استشعار تشبه الخوذة مثبتة على الرأس من الخارج، وموصولة بحاسوب مصغر يحمله أوسكام ضمن حقيبة ظهر. فيقوم بتحليل الإشارات ومن ثم ارسالها إلى الغرسة المزروعة في النخاع الشوكي بعد منطقة الضرر. وبدورها تلك الغرسة ترسل الإشارات إلى الأطراف السفلية محفزة عضلات الساقين على الحركة.

يقول جريجوار كورتين، مؤلف مشارك في الدراسة وعالم أعصاب في المعهد الفدرالي السويسري للتكنولوجيا، عن الغرسة وعملها: "لقد استطعنا التقاط أفكار جيرت جان أوسكام وترجمنا هذه الأفكار إلى تحفيز للنخاع الشوكي لإعادة تنشيط الحركة الإرادية لساقيه".


كيف كانت مرحلة العلاج بعد زراعة الغرسة الشوكية؟

بالطبع لم يستطع أوسكام المشي بسرعة كبيرة. وحركته الآن ليست مثالية بشكل كبير، ولكنها تبشّر بنتائج واعدة جداً. فقد تمكّن من التحكم الطبيعي في حركات ساقيه للوقوف والمشي وصعود السلالم وحتى اجتياز بعض تضاريس المعقدة كالمنحدرات. ولكنه يستطيع المشي حوالي 330 خطوة في وقت واحد وبشكل مستمر. ويستطيع الوقوف على قدميه لعدة دقائق دون استخدام يديه أو المشاية للحصول على داعم يتوازن عليه. تمثلت أولى حركاته بقدرته على لف ساقيه.

جيرت جان أوسكام يقف باستخدام الغرسة الشوكية

ومن ثم بدأت خطواته الأولى بشكل خجول باستخدام المشّاية. فقضى أوسكام أشهر عدة في تحسين حركته وممارسة الأنشطة التي تساعده على تحسين قدرته في إرسال التنبؤات. من دماغه إلى ساقيه عن طريق الغرسات. وفي غضون عام استطاع أوسكام الاعتياد على الغرسات، واستطاعت الغرسات تحليل ونقل الإشارات من دماغه بشكل يمكنه من استخدام السلالم. والمشي العادي وعلى المنحدرات، والركوب والنزول من سيارته أيضاً.


يقول أوسكام عن الغرسات: "إنه من الرائع أن تستطيع الوقوف مجدداً بعد 12 عام من الجلوس، وتناول المشروبات مع أصدقائك".
أوسكام صرح أيضاً بأنه بدأ باستعادة بعض الشعور بساقيه حتى عند عدم ارتداء الجهاز المستشعر المربوط بالغرسات الشوكية. وقد رجح العالم كورتين أحد المشاركين بالدراسة والتجربة أن الجسر الرقمي بين الدماغ والحبل الشوكي ربما يكون قد ساعد أوسكام على تجديد بعض أعصاب العمود الفقري.
 

هل الغرسات الشوكية آمنة؟ وهل ستثمر قريباً؟

يعتبر أمر زرع أقطاب كهربائية في الجمجمة أمراً حساساً للغاية، لذا فإن هذه الغرسات ليست آمنة تماماً. حيث أنها لازالت في طور المرحلة التجريبية. كما أنها غير مناسبة لجميع حالات الشلل في النخاع الشوكي. وتحتاج إلى إجراء عملية جراحية معقدة ودقيقة للغاية أيضاً من أجل زرع الغرسات.

قال هارفي سيهوتا، الرئيس التنفيذي لمؤسسة سبينال ريسرش الخيرية في المملكة المتحدة. والتي لم تشارك في الدراسة: "إن هذه التكنولوجيا لا يزال أمامها طريق طويل لتقطعه قبل أن تصبح متاحة للمرضى بشكل واسع، ولكن النتائج التي وصلت إليها إلى الآن مشجعة للغاية".

اليوم وبعد كل ما توصل إليه الباحثون مع أوسكام. يرغبون الآن في أن يكونوا قادرين على جعل أجهزة الجهاز الخاصة بـ الغرسة الشوكية، والتي يحملها على رأسه، أكثر إحكاماً. ويأملون في إمكانية استخدام هذه التكنولوجيا في يوم قريب لمساعدة الناس على استعادة القدرة على الحركة والوظائف الجسدية الأخرى.
AYA BRIMO
AYA BRIMO