إن كنت تعتقد أن نظرية الأرض المسطحة مجرد كلمة يتلفظ بها البعض ويستطيع حتى الطفل إسكات أصحابها فأنت مخطئ. فأصحاب هذه النظرية لا يمزحون أبداً بإيمانهم أن الأرض مسطحة. حتى أنهم يمتلكون نظريات أخرى يعتمدون عليها بنظريتهم هذه ويناقشون بها كل من يخالفهم الرأي.
هنا سنطرح 7 من النظريات التي يؤمن بها أصحاب الأرض المسطحة. ولكن قبل أن نبدأ علينا أن نحيطكم علماً بأننا لا نتبنّى أيّة واحدة من هذه النظريات، ولا نقوم بالترويج لها أو تأييدها، فقد كُتب هذا المقال لتغطية بعض الأفكار التي تؤمن بها شريحة واسعة من البشر حول العالم.
النظرية الأولى: الأرض مسطحة (على شكل قرص دائري)
أكثر الأمور جدلاً حول العالم هي هذه النظرية. وهي لا تقتصر على كلمتي (إنها مسطحة)، بل تتشعّب إلى إثباتات تعتمد على فرضيات أخرى أيضاً. فيرى أصحاب الأرض المسطحة أن كوكبنا عبارة عن قرص مسطح على شكل دائرة ثابت ومتوضع على كتلة ثلجية، ومحاط بجدار جليدي سنذكره فيما بعد هنا.
خريطة الأرض المسطحة ل إليكسندر جليسون صاردة عام 1892م |
عندما تحاول أن تثبت لهم عدم صحة نظريتهم بالسؤال الشهير "كيف يحدث غروب الشمس إذا كانت الأرض مسطحة حقاً؟ لا تتوقع أبداً أن أحدهم سيسكت ويعجز عن إجابتك. فالجواب عن هذا الاستفسار موجود لديهم وهو بسيط جداً بالنسبة لهم: الشمس تغرب فقط لأنها تتحرك بعيداً عن مكانك، أي أنها فقط اختفت عن قدرتك البصرية. ولنشبّه لك الأمر بشكل أبسط؛ إذا قمنا بإحضار رقعة مسطحة وضوء كشاف، ومن ثم قمنا بتسليط هذا الضوء عمودياً على الرقعة. فإنه كلما قلصنا المسافة بين الرقعة والكشاف ستقل المساحة التي يضيئها الكشاف على الرقعة. وكلما زادت المسافة بين الرقعة ومصدر الضوء (الكشاف) تزداد المساحة التي يستطيع الكشاف إضاءتها.
وفي حال قررت اللجوء إلى إثبات كروية الأرض بالتساؤل الشهير "كيف تختفي السفن بالأفق إن لم تكن الأرض كروية؟!". سيأتيك الرد سريعاً منهم بأن الأرض لا يمكن أن تكون كروية لأنك ستتمكن من رؤية السفن في الأفق عندما تستخدم التلسكوب. أي أن الجواب أيضاً هو "قلة حيلة بصرنا". أما إذا توجهت إلى سؤالهم عن الجاذبية، فإنهم يرونها مجرد وهم ناتج عن تسارع الأرض المسطحة في الفضاء الخارجي.
النظرية الثانية: القارة القطبية الجنوبية جدار من الجليد حول الأرض المسطحة!
يعتقد البعض أن القارة القطبية الجنوبية بكاملها ليست قارة. بل هي جدار ضخم من الجليد يحيط بهذه الأرض المسطحة، ربما تتمثّل مهمته في منع أي شيء من السقوط من على حافة الكوكب الأزرق المسطح. وهذه النظرية في الواقع تشعل خلافاً بين أصحاب الأرض المسطحة، حيث أنهم ينقسمون إلى مؤيدين ومعارضين لها. نعم.. حتى هذه النظرية لديها حزب مؤيد وحزب معارض.
وعندما تسأل بعض أنصار هذه النظرية ماذا سأجد إن وصلت إلى خلف هذا الجدار؟ فإن الجواب لن يكون بأنك ستسقط من على حافة الأرض وتسبح بالفضاء. لا بل ستصل إلى القارات المخفية التي لم يصل إليها أحد بعد.
طبعاً لم ينسوا القطب الشمالي من نظرياتهم، فتشير خرائط الأرض المسطحة دوماً إلى أنه يقع في مركزها. والقطب الجنوبي البعض يرى أنه الجدار المحيط بها والبعض لا يؤمن بوجوده البتة.
النظرية الثالثة: الشمس ضوء كشاف ساطع فقط
حتى الشمس وشكلها ومم تتكون طالها التشكيك! ففي نظر أصحاب الأرض المسطحة لا تعتبر الشمس كرة ملتهبة من الحرارة، إنما يرونها مجرد ضوء كشاف صغير يسبح بشكل حلقة بين الجدار الجليدي ومركز الأرض المسطحة.
وفي كتاب علم الفلك الزيتي الذي يعتبر أحد أقدم الكتب التي تناولت نظرية الأرض المسطحة، مذكورٌ أن الشمس يبلغ قطرها حوالي 52 كيلومتراً. وتطفو بين ارتفاع (640-1126 كيلومتراً) فوق الأرض اعتماداً على أيام الشهر. طبعاً هم يعترفون بوجود الفصول، فعندما يشتد الحر تكون الشمس على علو منخفض. وكلما ابتعدت تنخفض درجة الحرارة على سطح الأرض.
أيضاً يرون أن الأرض ثابتة ولا تدور حول الشمس أو حول نفسها البتة. وبالطبع لديهم برهان يرونه قوي جداً لكلامهم.. فبنظرهم لو كانت الأرض متحركة إذاً فإن أي طائرة لو حلّقت واستقرت في مكان ما في الجو فإنه ولمدة 24 ساعة انتظار في الجو، عند الهبوط يجب أن تجد الطائرة نفسها في القسم الآخر من أرضنا الكروية كونها تدور حول نفسها.
العلماء قدّموا لهم تفسيراً لذلك بأن الطائرة عندما تحلق فوق الأرض وحتى عندما تكون ثابتة في الجو فهي لا تعتبر كتلة منفصلة عن الأرض بل لا تزال تحت تأثير جاذبية الأرض وحركتها. الأمر أشبه بطفل يلعب بكرة تنس في المقعد الأمامي من السيارة. وهذه السيارة يقودها والده بسرعة ثابتة، ففي حال رمى الكرة إلى أعلى فإنها ستعود إلى يده، ولن تتجه إلى المقاعد الخلفية من السيارة!
أيضاً لا يؤمن أصحاب نظرية الأرض المسطحة أبداً بفكرة أن القمر يستمد ضوءه من الشمس. فهم يعتقدون أن القمر هو مصدر ضوئه الخاص! ويتم وصف القمر بالنسبة لهم بأنه ذو ضوء فضي وبارد ورطب ومتعفن.
النظرية الرابعة: خسوف القمر وكسوف الشمس يحدثان بسبب كائن الظل
يعتقد أصحاب نظرية الأرض المسطحة أن هناك قمراً صناعياً يدعونه كائن الظل هو الذي يفسر سبب حدوث خسوف القمر وكسوف الشمس.
حيث أن كائن الظل هذا لا يمكن رؤيته على مدار العام لأنه يدور بشكل ملاصق للشمس. ويتراوح قطره بين 8 إلى 16 كيلومتراً. وتذكر جمعية الأرض المسطحة أن الكسوف والخسوف يحدثان عندما يصطف كل من الشمس وكائن الظل والقمر بشكل متتالي. وعندما يتقاطع مدار القمر مع المستوى المداري للشمس (الحلقة التي ذكرناها آنفاً).
النظرية الخامسة: الأديان تثبت أن الأرض مسطحة
هذه النظرية هي المفضلة لأصدقاء الأرض المسطحة. فيأتي من يعتنق الديانة المسيحية مثلاً مستشهداً بكتابه الديني حيث يقول أنه في إشعياء 40:22 مذكور: "هو الجالس على عرشه فوق دائرة الأرض...".
وفي ذلك قال الفيلسوف الأمريكي الدكتور ويليام لين كريج أن هذه الادعاءات خاطئة، وهي مجرد تحوير وسوء فهم لتفسير المعاني.
أيضاً البعض ممن يعتنقون الدين الإسلامي يحتجون بنفس الطريقة مستخدمين القرآن الكريم وتحديداً الآية رقم 20 من سورة الغاشية: {وَإِلَى الأَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ}، وبالطبع هو أيضاً مجرد سوء فهم وتفسير.
النظرية السادسة: ناسا كاذبة بكل شيء
يؤمن جميع أصحاب نظرية الأرض المسطحة بأن الغرض الوحيد من إنشاء وكالة ناسا هو الكذب علينا. وذلك عن طريق استخدام تقنيات التصوير المتطورة فقط. وليسوا على استعداد في تصديق أي دول تصعد إلى الفضاء أو أي رواد فضاء آخرين يقولون بأنهم شاهدوا الأرض الكروية بأم أعينهم.
وعندما تسألهم ماهي غاية ناسا من الموضوع؟ وما الذي ستخسره إن قالت الحقيقة؟ يجيبون بأن الأمر برمته متعلق بالمال.
يقولون إن وكالة ناسا ستخسر ميزانيتها إذا كشفت عن الحقيقة واعترفت بأن الأرض مسطحة، ولن تكون قادرة على إنفاق مليارات الدولارات لإرسال رواد الفضاء والمسبارات إلى الفضاء.
النظرية السابعة: الهبوط على سطح القمر مزيف
ضمن رحلات أبولو بين عامي 1969م و1972م استطاع 12 رائد من رواد الفضاء الهبوط والمشي على القمر ومع ذلك فإن أصحاب الأرض المسطحة لا يؤمنون بحقيقة هذا الأمر وذلك لكون ناسا هي من تولت أمر هذه الرحلات.
يحاول العلماء على الدوام الرد عليهم بأن الموضوع ليس خدعة، حيث أن الصخور والأتربة التي جُلبت من القمر تثبت أن هبوط الإنسان على القمر حدث بالفعل. ولكن يرد أنصار نظرية الأرض المسطحة أننا لسنا بحاجة أصلاً إلى الهبوط على القمر للحصول على صخوره، حيث أن بعضها يسقط على الأرض. ويشار إليها باسم النيازك القمرية، والتي يمكن العثور عليها في أماكن مثل القارة القطبية الجنوبية وشمال غرب إفريقيا.
ويعود العلماء أيضاً بإجابة عن هذه الحجة؛ حيث أن صخور القمر والنيازك القمرية ليست نفس الشيء ولا بذات المكونات، فالنيازك القمرية تحتوي على قشور اندماجية، في حين أن الصخور التي جلبها رواد الفضاء خلال مهمات أبولو لا تحتوي على قشور اندماجية. ولكن دون أي جدوى في إقناع أصحاب نظرية الأرض المسطحة بذلك.
على الرغم من أن التمسك بالآراء والمبادئ، والإصرار على البحث والاكتشاف، يعتبران خصلة مهمة في حياتنا نحن البشر. إلا أن التعنّت والتشبث في أمور ونظريات حتى مع وجود روابط هشة لهذه النظريات أمر خاطئ يدفع بالبشرية نحو الهاوية.
فتصديق هذه النظريات لا يقف عند نفي كروية الأرض! إنه ينسف علوماً كاملة. علوم تدير حياتنا اليومية وتنظم كوكبنا بأكمله. كعلم الطبوغرافيا والمساحة، ورسم الخرائط وتخطيط المدن، والطيران والسفر حول العالم أيضاً، والتي جميعها يعتمد على إحداثيات هذه الكرة الأرضية.