عندما ننظر إلى الجسور، من جسر تاكوما ناروس إلى جسر البرج فوق نهر التايمز وصولاً إلى جسر أوريسند، قد تبدو لنا مجرد منشآت خرسانية أو معدنية تمتد فوق الأنهار والوديان والطرق. لكنها في الواقع تمثل إنجازات هندسية مذهلة تجمع بين الإبداع والتكنولوجيا. تلعب الجسور دوراً حيوياً في تسهيل التنقل وربط المجتمعات، وقد تطورت تصاميمها على مر العصور بفضل التقدم في علم الهندسة والمواد المستخدمة.
يمكن أن تكون الجسور بسيطة في هيكلها أو تحفاً معمارية مذهلة أو أي شيء بينهما. وبغض النظر عن تصميمها، فإن وظيفتها الأساسية هي توفير وسيلة لعبور المسافات التي قد تكون صعبة أو مستحيلة العبور بطريقة أخرى.
يعرّف الجسر على أنه هيكل مصمم لتمكين الحركة عبر العوائق مثل الأنهار أو الطرق أو السكك الحديدية. ولكن تختلف أنواع الجسور بناءً على استخداماتها ومواد بنائها والتقنيات الهندسية المستخدمة في تصميمها. وهذا ما سنناقشه في مقالنا..
ما هي أنواع الجسور؟
للجسور 7 أنواع رئيسية حسب طريقة البناء كالتالي:
1. الجسر القوسي (Arch Bridge)
2. الجسر الكمري (Beam Bridge)
3. الجسر الكابولي (Cantilever Bridge)
4. الجسر المعلق (Suspension Bridge)
5. جسر الكابلات المشدودة (Cable-Stayed Bridge)
6. الجسر القوسي المربوط (Tied-Arch Bridge)
7. الجسر الجمالوني (Truss Bridge)
منذ وضعنا أول جذع شجرة عبر مجرى مائي، بدأنا نحن البشر بتطوير تصاميم الجسور بمرور الزمن. فأدت الابتكارات إلى استخدام مواد وهياكل مختلفة لعبور الممرات المائية والوديان، وهو ما أوصلنا إلى بناء جسور حديثة ضخمة تمتد لمسافات مذهلة.
كيف تعمل الجسور؟
تعتمد على مقاومة القوى المؤثرة عليها مثل الضغط والشد وقوى القص والعزم لتحقيق الاستقرار من خلال هيكلين:
• الهيكل الفوقي: يشمل العوارض والدعَّامات التي تحمل سطح الجسر وحمولته.
• الهيكل التحتي: يشمل الركائز والدعائم والأساسات التي تثبت الجسر في الأرض.
حيث يجب أن يقاوم الجسر الحركة للحفاظ على سطح عبور مستقر، وهو ما يتحقق عبر التصميم الهندسي الدقيق والتشييد المناسب لضمان التوازن المثالي الذي يحافظ على استقراره.
1. الجسر القوسي (Arch Bridge)
يعود تاريخ تصميم الجسر القوسي إلى أكثر من 3000 عام، حيث استخدم الرومان الحجارة في بناء أكثر من 1000 جسر قوسي. اندثر بعضها والبعض الآخر لا يزال قائماً مثل جسر بونس فابريسيوس (Ponte Fabricio) في إيطاليا والذي بني في القرن 62 قبل الميلاد.
تعتمد الجسور القوسية على تحويل الأحمال إلى قوى ضغط تُنقل عبر القوس إلى الدعَّامات، مما يقلل تأثير قوى الشد داخل الجسر نفسه.
ولكن قد تتعرض الجسور القوسية الثابتة لعدم الاستقرار نتيجة التغيرات الحرارية؛ لذا يتم أحياناً تعديل التصميم بإضافة مفاصل عند القاعدة أو حتى في منتصف الجسر للتكيف مع التمدد والانكماش الناتج عن تغيّر درجات الحرارة.
2. الجسر الكمري (Beam Bridge)
من أبسط أنواع الجسور وأرخصها تكلفة. يتكون من عارضة أفقية تمتد عبر المسافة المراد عبورها، مدعومة بدعَّامتين على كل طرف من أطرافه.
وكلما زاد طول الجسر أو زادت حمولته، زاد الإجهاد عليه، مما يستدعي إضافة الدعَّامات الوسطية للحفاظ على استقراره وثباته.
الأمثلة عن هذا النوع تشمل كل من جسر يولو كوزواي (Yolo Causeway) بطول 5.149 كيلو متر. وجسر ليك بونتشارترين (Lake Pontchartrain Causeway) بطول 38.624 كيلو متر.
3. الجسر الكابولي (Cantilever Bridge)
يعتمد الكابولي على هيكل يمتد أفقياً، مدعوم بعزوم انحناء عند الدعَّامات الرئيسية، حيث تتحمل هذه الدعَّامات قوى شد وضغط لضمان التوازن والاستقرار. وتُثبَّت الأجزاء الكابولية على دعامات رئيسية على الأطراف.
أشهر الأمثلة عن هذا النوع هو جسر كيبيك (Quebec) في كندا، وهو أطول جسر كابولي في العالم بطول 987 متر.
4. الجسر المعلّق (Suspension Bridge)
يعتمد على أبراج رأسية موصولة بكابلات رئيسية مع كابلات صغيرة تدعم سطح الجسر. ويتميز بقدرته على عبور مسافات شاسعة، كجسر البوابة الذهبية في سان فرانسيسكو.
وقد يتأثر بالرياح والحركة مما يؤدي إلى ظواهر ديناميكية مثل الرنين أو الرفرفة الهوائية وهو ما يسبب اضطراب في استقرار الجسور المعلّقة إذا لم تُراعَ في التصميم، وقد يصل هذا الاضطراب إلى الانهيار.
5. جسر الكابلات المشدودة (Cable-Stayed Bridge)
يتميز بدعّامات رأسية تدعم سطح الجسر مباشرة عبر كابلات مشدودة بدون كابل رئيسي كما في الجسور المعلقة.
من الأمثلة عليه جسر سترومسوند (Strömsund) في السويد.
6. الجسر القوسي المربوط (Tied-Arch Bridge أو Bowstring Bridge)
يتميز الجسر القوسي المربوط بوجود عنصر شد أفقي في القاعدة يمنع انتشار الدعَّامات الجانبية، مما يتيح بناءه في مواقع لا تسمح بوجود دعامات ضخمة. من الأمثلة عليه جسر فورت بييت (Fort Pitt) في بيتسبرغ.
7. الجسر الجمالوني (Truss Bridge)
يعتمد على شبكة من الدعَّامات المثلثة التي تساعد على توزيع الأحمال. كان شائعاً منذ القرن التاسع عشر؛ حيث تُستخدم الجسور الجمالونية على نطاق واسع وخاصة في جسور السكك الحديدية والجسور المعدنية ذات الامتدادات الطويلة. ومن الأمثلة عليه جسر برات تروس (Cottonwood River Pratt Truss) الذي بُني عام 1916م.
أنواع الجسور حسب الحركة
1. الجسور الثابتة (Fixed Bridges): لا تتحرك وتوفّر ممراً مستقراً فوق العوائق مثل الأنهار والوديان.
2. الجسور المؤقتة (Temporary Bridges): تُستخدم لفترات زمنية قصيرة، مثل الجسور العائمة التي تُستخدم في الحروب أو حالات الطوارئ.
3. الجسور المتحركة (Movable Bridges): تحتوي على أجزاء قابلة للحركة تتيح تغيير موضعها للسماح بمرور السفن أو المركبات الكبيرة، مما يجعلها مثالية للمناطق ذات الحركة البحرية الكثيفة.
4. الجسور الرافعة (Vertical Lift Bridges): تُرفع منصة الجسر بالكامل إلى الأعلى بشكل عمودي عبر أبراج جانبية، مما يسمح بمرور السفن أسفلها دون الحاجة إلى فتح الجسر بالكامل.
5. الجسور القلابة (Bascule Bridges): تعتمد على محور ارتكاز يسمح برفع أحد طرفي الجسر أو كليهما مثل الباب المتحرك، مما يتيح فتح الممر المائي بسرعة وكفاءة.
6. الجسور الدوّارة (Swing Bridges): تدور حول محور مركزي أفقي، مما يسمح بفتح الممر المائي دون الحاجة إلى رفع الجسر بالكامل، وتستخدم عادة في القنوات المائية ذات الحركة المرورية المكثفة.
أنواع الجسور حسب وظيفتها
• الجسور المائية (Aqueducts & Viaducts): لنقل المياه أو الطرق المرتفعة.
• العبّارات المائية (Culverts): تسمح للمياه بالمرور تحت الطرق.
• الجسور ذات الطابقين (Double-Decked Bridges): هي جسور مكونة من مستويين منفصلين، يُستخدم كل طابق منهما لغرض معين مثل تخصيص أحدهما لحركة المركبات والآخر للمشاة أو للقطارات. تُستخدم هذه الجسور في المناطق الحضرية المزدحمة لزيادة القدرة الاستيعابية وتقليل الازدحام المروري.
• جسور المشاة (Pedestrian Bridges): لعبور الأشخاص فقط.
• جسور الأنابيب (Pipeline Bridges): لنقل السوائل والغازات.
• جسور السكك الحديدية (Train Bridges): مثل الجسور الجمالونية والركائز الخشبية.
• جسور المركبات (Vehicle Bridges): مخصصة لحركة المرور.
ما هي مواد بناء الجسور؟
تختلف مواد صناعة الجسور باختلاف أنواعها وباختلاف الزمن التي بنيت فيه، ولكن أهم مواد البناء هي كالتالي:
1. الخشب: كان يستخدم في القرن التاسع عشر، لكنه استُبدل بمواد أكثر متانة.
2. الحجر: يستخدم في الجسور القوسية بسبب متانته العالية.
3. الخرسانة: توفر قوة تحمل كبيرة وتستخدم على نطاق واسع في الجسور الحديثة.
4. الفولاذ: يتميز بالقوة وخفة الوزن مما يجعله مثالياً للجسور المعلّقة والكابلات المشدودة.
(تُستخدم الخرسانة المسلّحة على نطاق واسع في الجسور الحديثة، حيث توفر مقاومة كبيرة للضغط، بينما يوفر التسليح بالفولاذ مقاومة ضرورية لقوى الشد).