أقسام الوصول السريع (مربع البحث)

آخر الأخبار

تنقية الهواء في الصين وشرق آسيا تساهم في ازدياد الاحتباس الحراري عالمياً!

مجسم للكرة الأرضية موضوع على أرض قاحلة

لطالما كان ازدياد الاحتباس الحراري موضوعاً محورياً في النقاشات البيئية والعلمية. فمنذ عام 2010م بدأت درجات الحرارة بارتفاع غير مسبوق حول العالم إلى أن أصبحت السنوات الأخيرة حارة جداً.. وبينما يتساءل العلماء عن السبب؛ تكشف دراسة حديثة لمجلة Nurture أن تنقية الهواء من التلوث وخاصة في شرق آسيا والصين هو سبب في هذا التسارع وارتفاع درجات الحرارة!


الصين وتنظيف الهواء: خطوة بيئية بنتائج مزدوجة

بذلت الصين في العقد الأخير إلى جانب دول شرق آسيا جهوداً ضخمة لمكافحة تلوث الهواء وتحسين الصحة العامة. وقدد أتت الجهود بنتائج ممتازة؛ حيث انخفضت انبعاثات ثاني أكسيد الكبريت بنسبة مذهلة تصل إلى 75% منذ عام 2013م لكن المفاجأة أن هذا الإنجاز البيئي الضروري حتماً للإنسان، قد أدى إلى ما يمكن تسميته بـ "إزالة الدرع" الذي كان يخفف من حرارة كوكبنا.

فوفقاً للدراسة التي نشرتها مجلة Nurture بتاريخ 14 يوليو 2025م؛ في السابق كانت الجزيئات الملوثة في الهواء تعمل كمرآة تعكس جزءاً من أشعة الشمس وبالتالي تساعد على تبريد سطح الأرض بمنع جزء من الحرارة من الوصول إليها. ولكن مع تلاشي هذه الجزيئات من الغلاف الجوي لم يعد هناك ما يخفف من تأثير غازات الدفيئة مما أدى إلى زيادة الاحتباس الحراري بشكل واضح.


هل التلوث كان يحمي كوكب الأرض؟

ربما يبدو الأمر غير منطقي لكن في الحقيقة الهواء الملوث كان يساهم في كبح بعض من حرارة الأرض. إذ تشير النماذج المناخية إلى أن تلوث الهواء قد خفف من ارتفاع درجات الحرارة بمعدل يصل إلى 0.5 درجة مئوية خلال القرن الماضي. ومع إزالة نسبة كبيرة من التلوث في الصين وشرق آسيا ظهر أثر غازات الاحتباس الحراري بشكل أوضح مما أدى إلى ارتفاع سريع في درجات الحرارة.


نتائج الدراسة تشير إلى تسارع واضح في ارتفاع درجات الحرارة

في الدراسة التي نشرتها مجلة Nurture اعتمد الباحثون على 160 محاكاة حاسوبية باستخدام نماذج مناخية عالمية متعددة؛ لمحاكاة تأثير تقليل التلوث الهوائي في شرق آسيا منذ عام 2010م. وقد وجدوا أن هذا التحسن في جودة الهواء أدى إلى زيادة إضافية في درجات الحرارة العالمية تُقدّر بحوالي 0.07 درجة مئوية.

ورغم أن الرقم قد يبدو ضئيلاً مقارنة بالارتفاع الكلي البالغ حوالي 1.3 درجة منذ عام 1850م؛ إلا أنه يفسر الفجوة بين ما توقعه العلماء من زيادة منذ عام 2010م (حوالي 0.23 درجة) وما تم تسجيله فعلياً (0.33 درجة). وهذا الفارق البسيط كان كافياً ليضع العالم في مسار مناخي أكثر سخونة.


التأثيرات المناخية: ما وراء درجات الحرارة

زيادة الاحتباس الحراري لا يقتصر على درجة الحرارة فحسب بل يمتد تأثيره ليشمل أنماط هطول الأمطار وتوزيع الغيوم وحتى التغيرات في التيارات الهوائية. فمثلاً؛ أظهرت الأقمار الصناعية أن المناطق الواقعة شمال المحيط الهادئ شهدت زيادة في درجات الحرارة نتيجة لانخفاض كميات السحب العاكسة القادمة من شرق آسيا.

فانخفاض التلوث يعني وجود غيوم أقل تعكس أشعة الشمس مما يتيح لمزيد من الحرارة الوصول إلى سطح الأرض وبالتالي نشهد على السطح تسارع في الاحترار.


هل تنظيف الهواء خطأ؟

بالطبع لا! رغم أن هذا الارتفاع في درجات الحرارة يبدو سلبياً إلا أن تقليل التلوث الجوي ضرورة لا جدال فيها. فالجزيئات الدقيقة الناتجة عن التلوث كانت وما زالت مسؤولة عن ملايين الوفيات المبكرة سنوياً. ولذلك فإن الفوائد الصحية الناتجة عن هواء أنظف تفوق الآثار المناخية السلبية قصيرة الأمد.

وعلينا أيضاً أن نتذكر أن مصدر الاحتباس الحراري الأساسي ما يزال هو الغازات الدفيئة وليس إزالة التلوث. ولكن ما حدث هو أن إزالة التلوث أدى إلى ظهور سبب إضافي لزيادة الاحتباس الحراري. ومن هنا يمكن التأكيد على أن الحل الحقيقي يكمن في خفض الانبعاثات الكربونية لا في الإبقاء على التلوث!


تسارع ازدياد الاحتباس الحراري: تحذير وليس مفاجأة

ما نشهده اليوم من زيادة في درجات الحرارة ليس مفاجأة، بل نتيجة حتمية لمسار طويل من الانبعاثات غير المنضبطة. والمشكلة التي نتجت عن تنقية الهواء تعيد التأكيد على أهمية دمج جهود مكافحة التلوث مع سياسات مناخية أكبر لخفض نسبة الغازات الدفيئة في الجو.

فالهواء النظيف مطلوب لحماية صحة البشر لكن من الضروري أن نواجه أثره المناخي بعين واعية، وأن نتخذ خطوات جادة نحو مستقبل أكثر استدامة.

AYA BRIMO
AYA BRIMO