أقسام الوصول السريع (مربع البحث)

آخر الأخبار

الساعة البيولوجية: لماذا تستيقظ قبل المنبه وكيف يؤثر ذلك على نومك؟

منبه بلون أحمر كبير الحجم تمسك بهما يدين إنسان

هل سبق أن استيقظت قبل أن يرن المنبه بدقائق؟ لا صوت ولا مؤثر خارجي ومع ذلك تفتح عينيك في توقيت دقيق، كأن لديك منبهاً داخلياً؟
هذا ليس مجرد إحساس غريب أو مصادفة عادية، إنما حدث نتيجة نظام توقيت داخلي معقّد ومذهل يعرّفه العلماء باسم الساعة البيولوجية. وهي منظومة تعمل على تنظيم نومك ويقظتك على مدار الـ 24 ساعة، وتؤثر على هرموناتك وطاقتك ونشاطك طوال اليوم.

في هذا المقال سنشرح لك كيف تعمل هذه الساعة البيولوجية، ولماذا يحدث هذا الاستيقاظ المفاجئ، وكيف يمكنك تحسين نومك لتنعم بيوم أكثر نشاطاً وتركيزاً.


ما هي الساعة البيولوجية؟ وكيف تتحكم في نومنا؟

الساعة البيولوجية عبارة عن نظام توقيت داخلي في جسم الإنسان ينسّق العديد من العمليات الفسيولوجية مع دورة الـ 24 ساعة، من النوم والاستيقاظ إلى إفراز الهرمونات وحتى درجة حرارة الجسم.

يتحكم في هذا النظام منطقة صغيرة في الدماغ تعرف باسم النواة فوق التصالبية (SCN). وهي بمثابة القائد الرئيسي الذي ينسّق الإيقاعات الداخلية للجسم.

وتعمل هذه النواة على تنظيم توقيت إفراز الهرمونات بحسب دورة الضوء والظلام، مما يفسّر لماذا يساعدك ضوء الصباح على الاستيقاظ بشكل طبيعي.


الاستيقاظ دون منبه: كيف يحدث؟

إن الارتفاع التدريجي في مستوى هرمون الكورتيزول صباحاً -وهو ما يسمى بـ استجابة الكورتيزول بعد الاستيقاظ- هو جزء من العملية الطبيعية التي تحضّر الجسم ليوم جديد. وهذا الارتفاع يبدأ قبل أو عند الاستيقاظ، وقد يصل ذروته خلال أول 30–45 دقيقة من الاستيقاظ.

وقد أظهرت الأبحاث أن هذا الارتفاع مرتبط بإيقاع الساعة البيولوجية حتى بعد تعديل تأثيرات النوم نفسه، وهذا الأمر يثبت أن الجسم قادر على التنبؤ بالاستيقاظ والعمل قبل حدوثه.

لهذا السبب عندما يكون نمط نومك منتظماً يستطيع جسمك أن يوقظك قبل المنبه وأنت تشعر بالانتعاش والحيوية.


هل هذا الاستيقاظ المبكر دليل على نوم صحي؟

إذا استيقظت من النوم قبل المنبه وأنت تشعر بالراحة والنشاط؛ هذا يعني أن ساعتك البيولوجية متناسقة وتعمل بكفاءة. وأنك حصلت على نوم صحي ولا توجد أي مشاكل.

أما إذا استيقظت مبكراً قبل أن يرن المنبه ولكنك تشعر بالكسل أو التشوش؛ فقد لا يكون السبب عمل الساعة البيولوجية بشكل جيد. بل قد يدل على جودة نوم ضعيفة أو على حدوث اضطرابات في مراحل النوم.

وهذا ما تشير إليه دراسات النوم الحديثة؛ فمثلاً ارتفاع مستويات الكورتيزول قبل النوم مرتبط بقصر مدة النوم وضعف كفاءته، إضافة زيادة الوقت الذي يستغرقه الشخص للانتقال من حالة اليقظة إلى النوم الفعلي بعد الاستلقاء في السرير، وهذا ينعكس سلباً على النوم العميق في الليل لذا تجد نفسك تستيقظ قبل أن يرن المنبه ولكنك منزعج وتشعر بالتعب.


تأثير الساعة البيولوجية على النمط الحياتي

أحد أهم أسباب عدم انتظام الاستيقاظ هو اختلال نمط النوم واليقظة. فعندما تختلف مواعيد نومك واستيقاظك بشكل يومي، يُربك ذلك الساعة البيولوجية، فيصبح الجسم غير قادر على توقّع موعد الاستيقاظ، مما قد يؤدي إلى:
1. الشعور بالنعاس أثناء النهار.
2. صعوبة التركيز.
3. أداء ذهني ضعيف.
4. استيقاظ خلال مراحل النوم العميق

وهذا يعرف بـ خمول النوم (Sleep Inertia)، والذي يؤدي إلى انخفاض ملحوظ في الأداء الذهني بعد الاستيقاظ عند الاعتماد الكلي على المنبه الخارجي واستيقاظك في مراحل نوم عميقة.

وتشير الأبحاث المتعلقة بآثار التوتر على نمط الكورتيزول وإيقاعه (ارتفاعه وانخفاضه) اليومي أن القلق والتوتر يعززان إفراز الكورتيزول -نفس الهرمون الذي يرتفع صباحاً ليوقظك- مما قد يؤدي إلى صعوبة في النوم أو استيقاظ مبكر غير مرغوب فيه.

وكذلك فإن مستويات الكورتيزول المرتفعة ليلاً يمكن أن تقلّل من إفراز هرمون الميلاتونين الذي يساعد على النوم، ما يصعّب عليك النوم والاستمرار فيه.

جديرٌ بالذكر أن دراسات عدة تشير إلى أن الجسم ينفذ العديد من العمليات الحيوية أثناء النوم، مثل تنظيم الذاكرة وإصلاح الخلايا، وهي جوانب تناولناها بالتفصيل في مقال ثمانية أشياء يفعلها جسدك أثناء النوم.


كيف تدرب جسدك على الاستيقاظ طبيعياً؟

يمكنك تحسين تنظيم الساعة البيولوجية لديك عبر الخطوات التالية:

1. اتّباع روتين ثابت للنوم والاستيقاظ حيث يجب الالتزم بوقت نوم واستيقاظ ثابت يومياً حتى في عطلة نهاية الأسبوع.
2. الحصول على 7–8 ساعات نوم يومياً، فمدة النوم الكافية ضرورية لتوازن الهرمونات وإعادة تنسيق عمليات الجسم.
3. تجنب المؤثرات التي تعطل النوم وهذا يتمثل في الابتعاد عن الكافيين والكحول والوجبات الثقيلة قبل النوم بفترة كافية.
4. خلق بيئة نوم مظلمة وهادئة فالضوء يقلل إنتاج هرمون الميلاتونين، لذا يجب الحرص على النوم في بيئة ذات إضاءة خافتة.
5. التعرض لضوء الشمس صباحاً حيث يساعد التعرض لضوء النهار على إعادة ضبط الساعة البيولوجية، ويحسّن الاستيقاظ الطبيعي واليقظة اليومية.


الساعة البيولوجية أداة فعالة ولكنها لا تعمل بشكل عشوائي

بات لدينا فكرة واضحة الآن بأن الاستيقاظ قبل رنين المنبه ليس صدفة ولا مجرد حظ. إنما دليل على عمل الساعة البيولوجية عندما يكون نمط نومك منتظماً.

وباستخدام التفسير العلمي المبني على الدراسات يمكن تعديل عاداتنا لتحسين النوم والاستيقاظ الطبيعي دون الاعتماد الدائم على المنبه، مما ينعكس إيجاباً على صحتنا الجسدية والذهنية.

وفي حال كانت الساعة البيولوجية توقظنا قبل أن يرن المنبه ولكن ذلك الاستيقاظ يرافقه شعور بالتعب والكسل فيجب علينا أن نبحث عن الأسباب التي تؤدي إلى هذا الاستيقاظ المبكر والسعي نحو حلها والتخلص منها للحصول على نوم صحي تستطيع منه أجسادنا الحصول على قسط كافي من الراحة.


إخـلاء المسـؤولـيـة

• يستند محتوى عربي Daily Post إلى منهجية تحريرية دقيقة تشمل التحقق من المعلومات وتحليلها والاعتماد على مصادر موثوقة. ويُقدَّم هذا المقال ضمن إطار المعرفة والإعلام العام، مع الإشارة إلى أنّ بعض الموضوعات المتخصصة قد تستلزم استشارة جهات مهنية مختصة. وقد تخضع بعض المعلومات المنشورة للمراجعة والتحديث وفق المستجدات العلمية أو التقنية المؤكدة.
• لا يتحمّل عربي Daily Post المسؤولية عن أي قرارات مبنية على المحتوى المنشور.
• للاطلاع على معايير العمل التحريري يمكن مراجعة سياسة التحرير، وللتفاصيل القانونية يُرجى الرجوع إلى البند (6) من اتفاقية الاستخدام المتعلق بإخلاء المسؤولية وحدود المسؤولية.

المصادر والـمراجـع

تم الاعتماد في كتابة هذا المقال على المصادر التالية:
 مقال منشور بتاريخ 2025/12/11م في مجلة The Conversation.
 مقال منشور بتاريخ 2025/12/12م في موقع Science Alert.

الإعـداد والتـدقـيـق

تم إعداد هذا المقال بواسطة فريق عربي Daily Post وفق منهجية تحريرية تعتمد على جمع المعلومات من مصادر موثوقة، ثم مراجعتها وتدقيقها وتحليلها، لضمان دقة المحتوى وموثوقيته بما يتوافق مع أعلى معايير المهنية والشفافية.

Aya Brimo
Aya Brimo