أقسام الوصول السريع (مربع البحث)

آخر الأخبار

ما هو مركز البيانات؟ شرح مبسّط لكيفية عمله ودوره في الإنترنت

صورة مولدة بالذكاء الاصطناعي لخوادم مركز بيانات

في عالمنا اليوم أصبح كل شيء متصلاً بالإنترنت، من الهاتف الذكي إلى أنظمة البنوك والطيران والذكاء الاصطناعي. ولضمان اتصال جميع هذه الأجهزة والأنظمة بالإنترنت توجد خلف الكواليس بنية غير مرئية تعمل بلا توقف. هذه البنية لا تُرى ولا يعلم عنها الجميع، لكنها المسؤولة عن حفظ بياناتنا وتشغيل تطبيقاتنا، وضمان استمرار الخدمات الرقمية دون انقطاع. نتحدث هنا عن مركز البيانات، الذي يمكن القول عنه بأنه الجسر الذي يصل العالم الرقمي ببعضه. حيث تلتقي الخوادم والشبكات والطاقة لتشكّل الأساس الحقيقي للاتصال الرقمي.

وفي هذا المقال نأخذك في جولة مبسطة وعميقة لفهم ماهيته وكيف يعمل ولماذا أصبح عنصراً لا غنى عنه في عصر الحوسبة السحابية والذكاء الاصطناعي.


ما المقصود بـ مركز البيانات؟

مركز البيانات بالإنجليزية (Data Center) هو منشأة مادية متخصصة تُستخدم لتخزين ومعالجة وإدارة البيانات والتطبيقات الحيوية للمؤسسات. وبعبارة مبسطة، يمكن اعتباره البيئة التقنية الأساسية التي تعتمد عليها الشركات لتشغيل أنظمتها الرقمية، مثل البريد الإلكتروني وقواعد البيانات، وصولاً إلى الذكاء الاصطناعي والخدمات السحابية.

يعتمد تصميمها على منظومة متكاملة من موارد الحوسبة والتخزين والشبكات، بحيث تضمن وصول البيانات والتطبيقات إلى المستخدمين بكفاءة، وبأعلى مستويات الأمان والاستمرارية.


كيف تغيّر مفهوم مركز البيانات في العصر الحديث؟

لم تعد مراكز البيانات اليوم كما كانت قبل سنوات قليلة، فقد فرض التطور السريع في الإنترنت والتطبيقات الرقمية واقعاً جديداً. ففي الماضي كانت تعتمد بشكل أساسي على خوادم مادية موجودة داخل مقرات الشركات، وتُدار محلياً من فرق تقنية داخلية.

أما اليوم، فقد انتقل هذا المفهوم نحو الشبكات الافتراضية والحوسبة السحابية، إلى جانب البيئات متعددة السحابة (Multicloud)، وهي نماذج تسمح بتوزيع البيانات والتطبيقات على أكثر من مزوّد خدمة سحابية في الوقت نفسه، إضافة إلى التكامل مع مراكز البيانات الطرفية (Edge Data Centers) التي تهدف إلى تقريب البيانات من المستخدم لتقليل زمن الاستجابة.

ومن المهم الإشارة إلى أن الخدمات السحابية العامة نفسها ليست سوى شبكات ضخمة من مراكز البيانات تديرها شركات تقنية عالمية مثل Amazon وMicrosoft وGoogle. وعندما تستخدم أي تطبيق سحابي، فأنت عملياً تعتمد على موارد مركز بيانات بعيد يعمل على مدار الساعة لضمان سرعة الخدمة واستمراريتها.


لماذا تعتبر ذات أهمية كبيرة؟

تلعب مراكز البيانات دوراً محورياً في تشغيل معظم الخدمات الرقمية التي نعتمد عليها يومياً، سواء على مستوى الأفراد أو الشركات. فهي البنية التي تمكّن التطبيقات والأنظمة من العمل بسلاسة واستمرارية، وتدعم عدداً واسعاً من الاستخدامات الأساسية لعل أبرزها يتمثل في:

  • البريد الإلكتروني ومشاركة الملفات.
  • تطبيقات الإنتاجية وإدارة العمل.
  • أنظمة إدارة علاقات العملاء (CRM).
  • أنظمة تخطيط موارد المؤسسات (ERP) وقواعد البيانات.
  • تحليل البيانات الضخمة ومعالجة كميات هائلة من المعلومات.
  • تطبيقات الذكاء الاصطناعي وتعلّم الآلة.
  • خدمات الاتصالات وسطح المكتب الافتراضي.

وباختصار يمكن القول أن أي توقف في عمل مركز البيانات قد يؤدي إلى تعطّل الخدمات الرقمية التي تعتمد عليها المؤسسات والأفراد في آنٍ واحد، وهو ما يوضح مدى حساسية هذا العنصر وأهميته في البنية الرقمية الحديثة.


المكونات الأساسية لمركز البيانات

يعتمد أي مركز بيانات على مجموعة من المكونات الأساسية التي تعمل معاً كوحدة متكاملة لضمان تشغيل التطبيقات والخدمات الرقمية بكفاءة واستقرار. ولكل مكوّن دور محدد لا يمكن الاستغناء عنه، حيث يؤدي خلل بسيط في أي جزء منها إلى التأثير على أداء المركز بالكامل.
وهذه المكونات الأساسية هي:

1. البنية الشبكية

تُعد البنية الشبكية العمود التنظيمي للمركز، إذ تشمل أجهزة التوجيه (Routers)، والمحولات (Switches)، والجدران النارية (Firewalls). وتتمثل وظيفتها في ربط الخوادم ببعضها البعض، وربطه بالعالم الخارجي، مع ضمان انتقال البيانات بسرعة وأمان وحمايتها من التهديدات المحتملة.

2. البنية التخزينية

تمثّل البيانات العنصر الأكثر قيمة داخل مراكز البيانات؛ ولذلك تعتمد هذه المراكز على أنظمة تخزين متقدمة لحفظ كميات هائلة من المعلومات. فيتم تصميم هذه الأنظمة بحيث تضمن سرعة الوصول إلى البيانات وحمايتها من الفقدان، وإمكانية استعادتها عند الحاجة.

3. موارد الحوسبة

تشمل موارد الحوسبة الخوادم التي تقوم بعمليات المعالجة وتشغيل التطبيقات، حيث توفر القدرة الحسابية والذاكرة والتخزين المحلي إضافة إلى الاتصال الشبكي اللازم. ويمكن اعتبارها الجزء المسؤول عن تنفيذ الأوامر وتشغيل الخدمات التي يتعامل معها المستخدمون بشكل مباشر أو غير
مباشر.

كيف تعمل؟

تعمل مراكز البيانات وفق نظام متكامل مهمته هي ضمان استمرارية تشغيل الخدمات الرقمية دون انقطاع حتى لو حدثت أي أعطال تقنية مفاجئة. ولتحقيق ذلك تعتمد هذه المراكز على مجموعة من الأنظمة والخدمات الداعمة التي تحمي المكونات الأساسية وتحافظ على أدائها واستقرارها..

1. أنظمة أمن الشبكات

تُستخدم أنظمة أمن الشبكات لحماية البيانات والتطبيقات من التهديدات والهجمات السيبرانية، وتشمل جدران الحماية وأنظمة كشف ومنع الاختراق. وتعتبر هذه الأنظمة خط الدفاع الأول الذي يمنع الوصول غير المصرّح به إلى موارد المركز.

2. ضمان أداء التطبيقات واستمراريتها

لضمان بقاء التطبيقات متاحة للمستخدمين في جميع الأوقات تعتمد المراكز على تقنيات عدة كموازنة الأحمال (Load Balancing)؛ والتي تقوم بتوزيع الطلبات على عدة خوادم بدلاً من الاعتماد على خادم واحد. إضافة إلى أنظمة التعافي التلقائي من الأعطال (Failover)؛ والتي تضمن استمرار الخدمة في حال تعطل أحد المكونات دون أن يشعر المستخدم بذلك.

ما الذي يتطلبه تشغيل منشأة مركز بيانات؟

لا يقتصر تشغيلها على الخوادم والبرمجيات فقط؛ بل يعتمد بشكل أساسي على بنية تحتية فيزيائية معقّدة صُممت لضمان استمرارية العمل على مدار الساعة دون انقطاع. فمراكز البيانات تحتاج إلى بيئة تشغيل مستقرة بشكل دائم وآمنة تحمي المعدات وتضمن أداءها في مختلف الظروف.

تشمل هذه البنية التحتية أنظمة طاقة احتياطية ومولدات كهربائية، إلى جانب وحدات الطاقة غير المنقطعة (UPS) والتي تضمن استمرار التشغيل في حال انقطاع التيار الكهربائي. كما أنها تعتمد على أنظمة تبريد وتهوية متقدمة للحفاظ على درجة حرارة مناسبة للخوادم ومنع ارتفاعها بشكل قد يؤدي إلى تلفها.

إضافة إلى أنه يتم تجهيزها بأنظمة متخصصة لإطفاء الحرائق، واتصالات شبكية خارجية عالية الجودة تضمن بقاء الاتصال بالإنترنت متوفراً وسريعاً في جميع الأوقات.


معايير تصنيف مركز البيانات (Tier System)

لا تتساوى جميع مراكز البيانات من حيث الموثوقية ومستوى الحماية من الأعطال. لذلك تم وضع معايير عالمية لتصنيفها وفق قدرتها على الاستمرار في العمل عند حدوث مشاكل تقنية أو انقطاعات مفاجئة. ويعتبر معيار ANSI/TIA-942 من أكثر المعايير اعتماداً في هذا المجال، حيث يقسّم هذا المعيار المركز إلى أربع تصنيفات رئيسية تُعرف باسم Tier.

ويعتمد هذا المعيار بشكل أساسي على مستوى التكرار في المكونات، ووجود مسارات بديلة للطاقة والشبكات، وقدرة المركز على مواصلة العمل دون توقف أثناء الصيانة أو عند حدوث الأعطال.

Tier 1: البنية الأساسية

يُعد هذا المستوى هو الأبسط؛ حيث يوفر حماية محدودة من الأعطال. ويعتمد في هذا التصنيف على مكونات أساسية ومسار واحد للطاقة والشبكة دون تكرار، ما يعني أن أي خلل قد يؤدي إلى توقف الخدمة.

Tier 2: مكونات احتياطية جزئية

يوفّر هذا المستوى درجة أعلى من الموثوقية من خلال وجود بعض المكونات الاحتياطية. ومع ذلك لا يزال يعتمد على مسار توزيع واحد للطاقة والشبكة؛ مما يقلل من قدرته على العمل أثناء الصيانة أو الأعطال الكبيرة.

Tier 3: قابلية الصيانة دون توقف

يتميّز هذا التصنيف بوجود مكونات احتياطية كاملة ومسارات توزيع متعددة؛ مما يسمح بإجراء أعمال الصيانة دون التأثير على تشغيل الخدمات. ويعتبر هذا المستوى مناسباً للعديد من المؤسسات التي تتطلب استمرارية بجودة عالية.

Tier 4: أعلى مستويات الاعتمادية

يُمثل هذا المستوى أعلى درجات الحماية من الأعطال، حيث يوفر تكراراً كاملاً في جميع المكونات والمسارات. ويستطيع مركز البيانات في هذا التصنيف تحمّل حدوث عطل في أي جزء من النظام دون التسبب في توقف الخدمة وهو الخيار الأمثل للأنظمة الحساسة والحرجة.

أنواع مراكز البيانات

تختلف هذه المراكز من حيث طريقة ملكيتها وتشغيلها والمكان الذي توجد فيه، كما أنها تختلف بحسب احتياجات الجهات التي تستخدمها. ولا يوجد نوع واحد مناسب للجميع؛ بل تختار المؤسسات النوع الذي ينسجم مع حجم أعمالها وميزانيتها ومستوى المرونة الذي تحتاجه. وفيما يلي نذكر أبرز أنواعها الشائعة اليوم:

1. مراكز بيانات المؤسسات

تُبنى هذه المراكز وتُدار من قبل الشركات نفسها، وغالباً ما تكون موجودة داخل مقراتها أو بالقرب منها. وتكون مخصصة حصراً لخدمة أنظمة المؤسسة وبياناتها مما يمنح الشركة المالكة تحكم كامل في البنية التحتية، لكنه بالمقابل يتطلب استثمارات مالية وتشغيلية مرتفعة.

2. مركز البيانات المُدار

في هذا النموذج تتولى جهة خارجية متخصصة إدارة المراكز نيابةً عن الشركة. فبدلاً من بناء البنية التحتية وتشغيلها داخلياً تستأجر المؤسسة هذه الخدمات وتستفيد من خبرة المزوّد مع الاستفادة من تقليل الأعباء التقنية والتشغيلية عليها.

3. مراكز الاستضافة المشتركة (Colocation)

تقوم الشركات هنا باستئجار مساحة داخل مركز مملوك لطرف آخر، بينما تحتفظ بإدارة خوادمها ومعداتها الخاصة. وبالمقابل يتكفّل مزوّد الاستضافة بتأمين المبنى والطاقة وعمليات التبريد والاتصال بالإنترنت، في حين تظل مسؤولية الأنظمة والبيانات على عاتق الشركة نفسها.

4. مركز البيانات السحابي

يتم إدارة هذه المراكز من قبل شركات الحوسبة السحابية مثل شركات Amazon Web Services وMicrosoft Azure. حيث تستضاف البيانات والتطبيقات خارج مقرات الشركات. ويتميّز هذا النوع بالمرونة العالية وقابلية التوسع السريع وبكون الدفع حسب الاستخدام. مما يجعله خياراً شائعاً لدى الشركات الناشئة والمؤسسات الكبرى على حد سواء.

التحديات والمساوئ المرتبطة بها

على الرغم من الدور الحيوي الذي يؤديه مركز البيانات في دعم العالم الرقمي، إلا أن وجوده وتشغيله لا يخلو من تحديات ومساوئ يجب أخذها في عين الاعتبار. فكل مركز يتطلب استثمارات مالية كبيرة، سواء في مرحلة البناء أو التشغيل، ويشمل ذلك تكاليف الطاقة والتبريد والصيانة والأمن التقني.

كما تُعد مراكز البيانات من أكثر المنشآت استهلاكاً للطاقة، وهو ما يثير تساؤلات بيئية متزايدة. خاصة في ظل التوسع المستمر في الخدمات السحابية والاعتماد المتزايد على البيانات. ويضاف إلى ذلك أن أي خلل تقني واسع النطاق أو هجوم سيبراني قد يؤثر على عدد كبير من الخدمات في الوقت نفسه، ما يجعل تأمين هذه المراكز مسؤولية معقدة وحساسة.

وإلى جانب كل ذلك تواجه بعض المؤسسات تحديات تتعلق بالاعتماد على مزوّدين خارجيين خصوصاً في البيئات السحابية؛ حيث قد تقل السيطرة المباشرة على البيانات والبنية التحتية، مما يتطلب ثقة عالية واتفاقيات واضحة لضمان حماية المعلومات واستمرارية الخدمات.

إخـلاء المسـؤولـيـة

• يستند محتوى عربي Daily Post إلى منهجية تحريرية دقيقة تشمل التحقق من المعلومات وتحليلها والاعتماد على مصادر موثوقة. ويُقدَّم هذا المقال ضمن إطار المعرفة والإعلام العام، مع الإشارة إلى أنّ بعض الموضوعات المتخصصة قد تستلزم استشارة جهات مهنية مختصة. وقد تخضع بعض المعلومات المنشورة للمراجعة والتحديث وفق المستجدات العلمية أو التقنية المؤكدة.
• لا يتحمّل عربي Daily Post المسؤولية عن أي قرارات مبنية على المحتوى المنشور.
• للاطلاع على معايير العمل التحريري يمكن مراجعة سياسة التحرير، وللتفاصيل القانونية يُرجى الرجوع إلى البند (6) من اتفاقية الاستخدام المتعلق بإخلاء المسؤولية وحدود المسؤولية.

المصادر والـمراجـع

تم الاعتماد في كتابة هذا المقال على المصادر التالية:
 مقال منشور على موقع شركة IBM.
 مقال منشور على موقع Cisco.

الإعـداد والتـدقـيـق

تم إعداد هذا المقال بواسطة فريق عربي Daily Post وفق منهجية تحريرية تعتمد على جمع المعلومات من مصادر موثوقة، ثم مراجعتها وتدقيقها وتحليلها، لضمان دقة المحتوى وموثوقيته بما يتوافق مع أعلى معايير المهنية والشفافية.

Aya Brimo
Aya Brimo