أقسام الوصول السريع (مربع البحث)

آخر الأخبار

صوت الرياح في الهاتف: لماذا يكون مرتفعاً بشكل مزعج؟!

 تمسك هاتفك وتهاتف صديق مقرب لك، لقد مرت مدة دون أن تطمئن عليه.. ولكن ما إن يجيب ويبدأ الحوار تلاحظ أنه يقف في الهواء الطلق. وصوت الرياح مرتفع جداً في المكالمة، بحيث يطغى على صوتيكما معا. ستطلب من صديقك أن يبدل مكانه لتتمكن سماعه وتكمل حديثك معه.. لن نخوض عميقاً في حديثك معه، ولكننا سنقف عند صوت الرياح المرتفع في الهاتف.. إنه أمر مثير للحيرة فعلاً؛ لماذا يبدو صوت الرياح في الهاتف مرتفع بهذا القدر في المكالمات، أو حتى في التسجيلات الصوتية؟!

شخص لا يظهر منه إلا جذعه ويده وهو يمسك هاتف ذكي

قد نفهم فكرة تغيّر أصواتنا في التسجيلات والمكالمات. ولكن لماذا يظهر صوت الهواء بهذا القدر من الضوضاء بالضبط؟
للإجابة عن هذه الأسئلة سنتعمق في فهم التكنولوجيا المستخدمة في مايكروفونات تسجيل الصوت وأسباب ضوضاء الهواء.


مبدأ عمل الميكروفونات في الهواتف:

إن الميكروفونات المستخدمة غالباً في الهواتف الذكية لالتقاط وتسجيل الصوت هي من نوع يدعى MEMS. وهي اختصار يعني نظم كهروميكانيكية دقيقة، وهي ميكروفونات تلتقط الصوت بعدة اتجاهات.
لكن لماذا تُستخدم هذه الأنواع بالتحديد؟
في الواقع هنالك عدة أسباب رئيسية:

أولاً: الحجم الصغير: كلما تطورت الهواتف الذكية كلما ازدادت الحاجة لتكون أنحف، وهذا يتطلب أن تكون الميكروفونات صغيرة بما يكفي لتتناسب مع هذه التصاميم.

ثانياً: الكفاءة: يجب أن يعمل الميكروفون بكفاءة عالية مع استهلاك طاقة منخفض.

ثالثاً: التكلفة: يجب أن تكون ذات تكلفة منخفضة، خاصة عند التركيز على تقديم هواتف اقتصادية.

يمتلك الميكروفون MEMS غشاء حساس يلعب دور رئيسي في التقاط الترددات الصوتية ومن ثم تحويلها إلى إشارات كهربائية. وهذا الغشاء قادر على التقاط الترددات في نطاق الصوت البشري؛ الذي يتراوح بين 20 هرتز و20 كيلوهرتز. ولكن في نفس الوقت فإن هذا النطاق يشمل تردد صوت الرياح، وهذا هو السبب الذي يؤدي إلى التداخل بين الأصوات البشرية وضوضاء الرياح في المكالمات.


كيف تتداخل ترددات صوت الرياح في الهاتف مع الترددات الصوتية البشرية؟

لفهم المشكلة بشكل أفضل سنتعرف إلى مجال الترددات لكل من البشر والرياح:

- صوت الرجال: يتراوح تردده الأساسي بين 85–180 هرتز.

- صوت النساء: التردد الأساسي لهنّ يتراوح بين 165–255 هرتز.
- صوت الرياح: يقع ترددها بين 20 هرتز و250 هرتز.

من هنا يتضح لنا جلياً التداخل الكبير بين تردد الرياح والترددات الأساسية للأصوات البشرية، وبشكل خاص في النطاقات المنخفضة.

وهذا التداخل يجعل من الصعب على الميكروفونات فصل صوت الرياح عن صوتك عند التحدث، مما يؤدي بشكل كؤكد إلى ضعف جودة المكالمة التي تجريها.


لماذا تستخدم الهواتف الميكروفونات متعددة الاتجاهات؟

الميكروفونات في الهواتف عادةً ما تكون من النوع متعدد الاتجاهات (Omnidirectional). وذلك لأنها توفر مرونة كبيرة؛ فهي تلتقط الصوت من جميع الاتجاهات مما يعني أن المستخدم لا يحتاج إلى وضع الهاتف في اتجاه معين أثناء التحدث.

هذه الميزة تعتبر ممتازة لولا أنها تأتي مع عيب كبير: التقاط الضوضاء من كل مكان، بما في ذلك نقل صوت الرياح إلى الهاتف.

وعلى نقيض ذلك فإن الميكروفونات أحادية الاتجاه (Unidirectional) تستطيع أن تقلل من الضوضاء غير المرغوب فيها عن طريق التركيز على مصدر صوت محدد.

وهي في الواقع تستخدم في الهواتف ولكن بشكل محدود؛ لأنها تتطلب توجيه دقيق للصوت ليتم التقاطه بجودة عالية، وهو أمر غير عملي في الحياة اليومية. تخيل أنك ستضطر إلى تثبيت وجهك دون حركة باتجاه الميكروفون عند كل تسجيل وكل مكالمة!


لماذا يبدو صوت الرياح في الهواتف أعلى مما هوفي الواقع؟

شخص يقف أمام الشمس يظهر فقط ظهره ويده ممسكة بهاتف حيث يجري مكالمة

فهمنا لماذا يتم التقاط صوت الرياح في الهاتف، ولكن لماذا تظهر بصوت مرتفع أكثر بكثير من صوتها الحقيقي؟

هناك سببان رئيسيان يفسران الموضوع:

1. ضغط الرياح على الغشاء:

عندما تهب الرياح على الهاتف فإنها تضغط على الغشاء الموجود في الميكروفون. وهذا الضغط يؤدي إلى إشارات كهربائية ذات سعة عالية؛ مما يجعل صوت الرياح أعلى من صوته الواقعي.

2. تعزيز الترددات المنخفضة:

إن بعض الميكروفونات تكون مصممة لتضخيم الترددات المنخفضة وذلك من أجل وضوح الأصوات البشرية. وهي خاصية ممتازة لولا أنها تؤدي أيضاً إلى تضخيم أصوات الرياح الموجودة ضمن نفس النطاق الترددي للصوت البشري.


كيف يمكن تخفيض صوت الرياح أثناء المكالمات؟

مع تقدم التكنولوجيا في صناعة الهواتف ومعداتها ظهرت عدة حلول بهدف التغلب على مشكلة ضوضاء الرياح، منها:

- ميكروفونات بإلغاء الضوضاء: تستخدم هذه الميكروفونات تقنيات خاصة لتقليل الضوضاء في الخلفية، ولكن استخدامها قد ينحصر في الهواتف مرتفعة الثمن وليس الاقتصادية.

- استخدام ميكروفونات متعددة: بعض الهواتف تستخدم عدة ميكروفونات لإلغاء الترددات غير المرغوبة عبر تقنية تدعى "إلغاء الطور" (Phase Cancellation).

قد تقول الآن حسناً هذان حلان ممتازان، ولكنهما ليس كذلك دائماً؛ خاصة بالنسبة للهواتف الاقتصادية، حيث تركز الشركات المصنّعة فيها على ميزات أخرى مثل الكاميرات والبطارية.

ولكن من يدري.. تطور الذكاء الاصطناعي رهيب وسريع، وربما نرى في المستقبل القريب ميكروفون قادر على التعرف على الترددات غير المرغوب فيها ك صوت الرياح في الهاتف، ويقوم بعزلها بشكل كامل دون التأثير على جودة الصوت البشري.

AYA BRIMO
AYA BRIMO