يوم الثلاثاء 2025/10/21م وفي خطوة مفاجأة ودون أي مقدمات؛ أقدمت شركة OpenAI على إطلاق متصفح أطلس. وهو متصفح جديد مدعوم بنموذج الذكاء الاصطناعي شات جي بي تي، ويهدف إلى تغيير أسلوب البحث والتفاعل عبر الويب جذرياً بحسب ما قالته الشركة. وبذلك قد فتحت الشركة الباب أمام منافسة حقيقية مع عملاق التصفّح جوجل كروم فهل تستطيع خطف الأضواء منه؟
تجربة مختلفة في متصفح أطلس
يبدو متصفح أطلس مألوفاً وبسيطاً في مظهره الأولي، فهو يقدّم للمستخدمين علامات التبويب (Tabs) والوضع الخفي (Incognito mode) وحفظ كلمات المرور والتعبئة التلقائية للبيانات، تماماً كما في متصفحاتهم المعتادة.
![]() |
| واجهة المتصفح |
لكن الجديد يكمن في الدمج العميق بين المتصفح ونموذج الذكاء الاصطناعي ChatGPT، إذ لم يحصل متصفح أطلس عليه كمجرد أداة جانبية أو زرّ إضافي، بل جرى تصميمه ليكون جزءاً محورياً من تجربة الاستخدام نفسها.
يقول آدم فراي وهو مدير المنتج في شركة أوبن إيه آي:
"أردنا أن يشعر المستخدم أن متصفح أطلس امتداد طبيعي لذاته، وليس مجرد متصفح تقليدي مضاف إليه زر محادثة مع الذكاء الاصطناعي".
![]() |
| وضع التصفح الخفي لـ متصفح أطلس |
أما كبير المهندسين في المشروع بن غودغر، فأوضح أن دمج ChatGPT داخل المتصفح يسمح باستخدام الذكاء الاصطناعي في أي صفحة ويب وأي مربع نص، دون الحاجة إلى النسخ واللصق بين النوافذ. وهذا يعني أن المستخدم سيتمكن من طرح الأسئلة أو تلخيص المقالات أو حتى كتابة بريد إلكتروني بمساعدة شات جي بي تي مباشرة من داخل الصفحة التي يتصفحها.
الوكيل الذكي داخل متصفح أطلس
يعتمد متصفح أطلس على وكيل الذكاء الاصطناعي (AI Agent)، وهو نظام قادر على أداء مهام معقدة بالنيابة عن المستخدم تتمثل في البحث المتقدم أو التخطيط للسفر أو حتى الحجز في مطعم.
ويتيح المتصفح استخدام أوامر لغوية طبيعية (Natural Language Commands) ، بحيث يمكن للمستخدم مثلاً أن يطلب من أطلس إعادة فتح منتج كان قد شاهده بالأمس أو جمع مقالات حول موضوع محدد.
![]() |
| تخصيص المتصفح |
قال ويل إلسوورث الذي يعمل كباحث يعمل في الشركة عن المتصفح:
"يجب أن يشعر المستخدم بأن أطلس امتداد طبيعي لذاته، يفهم احتياجاته ويتفاعل معها بسلاسة".
من يمكنه استخدامه؟
متصفح أطلس سيكون متاحاً لجميع المستخدمين حول العالم وبشكل مجاني ولكنه حالياً متوفر فقط لمستخدمي أجهزة Mac في جميع أنحاء العالم، ويمكن لأي مستخدم يملك حساباً علىChatGPT حتى أصحاب الخخط المجانية الوصول إليه وتجربته من الموقع الرسمي.
ولكن المشتركون في خطط ChatGPT Plus و Pro سيحصلون على مميزات إضافية، أبرزها استخدام الوكيل الذكي.
![]() |
| استخدام ChatGPT داخل المتصفح |
ولم تُعلن شركة أوبن إيه آي بعد عن موعد طرح نسخ أطلس الخاصة بأنظمة Windows أو iOS أو Android، لكنها أكدت أن المشروع لا يزال في مراحله الأولى وأنه سيصل إلى جميع الأنظمة قريباً.
تأثير متوقع على مستقبل البحث
إطلاق متصفح أطلس يسلّط الضوء على التحوّل الذي يحصل في طريقة البحث عبر الإنترنت. فبينما تعتمد محركات البحث التقليدية كمحرك بحث جوجل على عرض روابط لمواقع جرى فهرستها مسبقاً، تتيح أدوات الذكاء الاصطناعي التوليدي (Generative AI) إجابات فورية، قد تغيّر بشكل جوهري حركة الزيارات إلى المواقع الإخبارية والعلمية.
ويرى محللون أن اعتماد المستخدمين على الذكاء الاصطناعي في البحث قد يؤدي إلى إعادة هيكلة كاملة لصناعة المحتوى على الإنترنت بما في ذلك الإعلانات وطرق تحسين محركات البحث (SEO).
ولكن هذه الثورة التقنية تأتي مع تحديات بيئية، فرغم أن الذكاء الاصطناعي أصبح أكثر كفاءة في استهلاك الطاقة، إلا أنه لا يزال يستخدم كمية كهرباء أكثر بكثير من أنظمة البحث التقليدية، في وقت تتزايد فيه المخاوف بشأن البصمة الكربونية للتقنيات الرقمية.
أضف إلى ذلك أن الذكاء الاصطناعي قد يعرض معلومات خاطئة أو قديمة تحتاج إلى تحديث على أنها صحيحة في الوقت الحالي، وذلك بسبب النماذج التي يتم تدريبه عليها مسبقاً. ناهيك عن حالات الهلوسة التي قد تصيبه، حيث تعتبر هلوسة الذكاء الاصطناعي مشكلة بدون حل جذري حتى الآن.
كيف ينافس متصفح أطلس جوجل كروم؟
تأتي خطوة الشركة هذه في وقت تواجه فيه شركة جوجل تحديات قانونية متزايدة، إذ أقرّت محكمة أميركية مؤخراً بأن محرك البحث الخاص بها يشكّل احتكاراً غير قانوني. ومع دخول متصفح أطلس إلى الساحة، قد تواجه جوجل أول منافس جاد لمتصفحها الشهير كروم.
الرئيس التنفيذي لشركة OpenAI سام ألتمان وصف المشروع بأنه في مراحله المبكرة جداً، مضيفاً أن هناك الكثير مما سيُضاف مستقبلاً إلى أطلس.
بداية فصل جديد للإنترنت
إطلاق متصفح أطلس لا يقتصر على تقديم أداة جديدة لتصفح الإنترنت، بل يمثل تحوّلاً في استخدام الأدوات الرقمية. فنحن نتحدث عن انتقالنا من متصفح عادي يعرض المواقع والصفحات إلى متصفح يفهم نوايا المستخدم ويتفاعل معها.
وبينما لا تزال التجربة في بدايتها، فإن دخول الذكاء الاصطناعي إلى ميدان المتصفحات يُعدّ إشارة واضحة إلى أنه لم يعد أداة مساعدة بل أصبح محور التجربة الرقمية المستقبلية.




