لابد أنك صادفت شخصاً فاقداً لأحد أطرافه السفلية وشعرت بالضيق من أجله وفكرت في كيفية أدائه لوظائفه الحيوية الضرورية. ترى هل ما يزال فقدان أحد الأطراف السفلية عائقاً فعلياً أمامه؟ أم أن لمهندسي الأطراف الصناعية رأي آخر؟! وهل يمكن استخدام الذكاء الاصطناعي في برمجة الأطراف الصناعية السفلية؟ هذا ما سنتعرف عليه في هذا المقال.
لمحة عن الأطراف الصناعية وأنواعها
بادئ ذي بدء، يمكن تعريف الأطراف الصناعية بأنها أجهزة طبية يتم تركيبها لفاقدي أحد الأطراف الطبيعية أو كليهما. وفي هذا السياق، لابدّ من التمييز بين الأطراف الصناعية العلوية والسفلية.
تجدر الإشارة إلى أن الأطراف الصناعية السفلية تقسم إلى نوعين بحسب مستوى البتر:
1) من فوق مفصل الركبة.
2) من تحت مفصل الركبة.
يتكون كل من النوعين عموماً من:
1- قدم صناعية.
2- ركبة صناعية (في البتور التي تكون مما فوق الركبة).
3- حامل معدني واصل بينهما.
4- قميص يحوي الجزء المتبقي من الساق.
من الجدير بالذكر وجود العديد من الأشكال والأنواع لجميع المكونات المذكورة. ويتم اختيار الأنواع المناسبة بحسب حالة كل مريض، بحيث يتم تأمين كل من الاستقرار والناحية الجمالية للمريض أثناء المشي.
ميزات وعيوب الأطراف الصناعية
قدمت الأطراف الصناعية العديد من المزايا للمبتورين. بالإضافة إلى وجود بعض العيوب والمساوئ التي تحتاج إلى تطوير لرفع جودتها أكثر.
أولاً: مزايا الأطراف الصناعية
يبقى تركيب الطرف الصناعي أفضل من عدمه في معظم الحالات. إذ يزود المريض ببعض مما يمكن أن يقدمه الطرف السليم له.
إذ يبلغ متوسط تكلفة تركيب الطرف الصناعي السفلي حوالي 1000 دولار أمريكي. وهي تبقى ضمن الحدود المعقولة لأنه وعلى سبيل المثال، تعادل هذه تكلفة زراعة سنّين فقط في الفم.
فبالطبع خسارة الطرف ستؤثر سلباً على فاقدها لذا من المؤكد أن تركيب طرف صناعي سيسرع من تحسين حالته النفسية.
ثانياً: عيوب الأطراف الصناعية
أحياناً يشكل الوزن الزائد للطرف الصناعي السفلي عبئاً على المريض. وأيضاً إذا كان وزنه أقل بكثير من وزن الساق الطبيعية فسيحتاج المريض إلى فترة طويلة من التدريب. وذلك من أجل تمكينه من التحكم بساقه السليمة وطرفه الصناعي.
إن بعض الركب الصناعية بحاجة إلى صيانة كل سنة أو سنتين وسطياً. كما أن الطرف بحاجة لتغيير كلي كل بضعة سنوات. وذلك يشكل غالباً حالة من عدم الراحة للمريض. وعلى سبيل التحديد، فإنه يلزم تغيير القميص عند تغير وزن المريض. لأن عند زيادة وزنه فإن الجزء المتبقي من الساق - ويسمى الجذمور - سيصبح أضخم. نتيجة لذلك، سيسبب له القميص القديم تقرحات وآلام كبيرة ومستمرة. أما عند فقدان الوزن، فسيصبح الجذمور متخلخلاً ضمن القميص مما يؤدي إلى فشل استقرار مفصل الركبة ضمنه.
هل يمكن الوصول إلى أطراف صناعية تقوم بوظائف الطرف السليم؟
بطبيعة الحال، فإن العيوب السابقة لا يمكن تجاهلها، إذ أنها تقلل من كفاءة مشية المريض وراحته.
ومن هذا المنطلق، تم تطوير أطراف صناعية ذكية تقدم جودة حياة أفضل للمريض. فهي تتكون من محرك كهربائي وحساسات إلكترونية وأجهزة كمبيوتر لوحية Raspberry pi وغيرها. فعلى سبيل المثال، لإنجاز حركة قريبة من الطرف السليم لا بد من اقتباس إشارات عضلات الجذمور وربطها مع إشارات الدماغ.
أما إلى من ينتظر إجابة للأسئلة الواردة في المقدمة، فبالطبع لقد أصبحت الأطراف الذكية أمراً واقعاً الآن! ولعل أحدث الابتكارات في هذا الخصوص هي ساق UTAH التي تعمل بالذكاء الاصطناعي! وهي التي قد تم تطويرها من جامعة UTAH الأمريكية، ولذلك تم تسمية الطرف الصناعي بهذا الاسم. ومن الملفت أيضاً أن الولاية الأمريكية التي تقع فيها الجامعة تحمل الاسم ذاته.
كيف يعمل الطرف الصناعي الذكي؟
يتم إدخال إشارة الطرف السليم بالإضافة إلى إشارة الجذع لتقوم الساق الصناعية بالحركة وفقاً لحركتيهما. وفي غالب الأحيان، يساعد أيضاً اقتباس إشارة الجذمور المتبقي من الساق في التحكم بالطرف الصناعي وتوجيهه. وذلك من أجل إنجاز عملية المشي بسلاسة وأمان وبغاية الدقة. حيث أنه من المعروف مدى حساسية هذا التحكم، إذ قد ينتهي الأمر بالمريض واقعاً على الأرض نتيجة أي خطأ في نقل الحركة أو الإشارات الحيوية بين الطرف الصناعي وأي من الجذمور أو الطرف الآخر السليم أو حتى الجذع! نتيجة لذلك، لا بد من الاستفادة من الذكاء الاصطناعي لضمان نجاح الطرف الصناعي خلال المشي. وبهذه الطريقة يمكن لمرتديها صعود الأدراج والنزول على المنحدرات بكل ثقة وأمان وبشكل مطابق تقريباً للساق السليمة!
ولا بد أنك سمعت بـ شريحة نيورالينك التي قدّمها الملياردير الأمريكي الشهير إيلون ماسك، والتي تقوم بفك الشيفرات التي يطلقها الدماغ. وذلك من أجل تحويلها إلى نشاط كالنشر على مواقع التواصل الاجتماعي بمجرد التفكير فقط. وبالتأكيد لا يمكن لذلك أن يبصر النور دون استخدام تقنيات الذكاء الصناعي. وبالطبع فإن مجال الأطراف الصناعية ليس ببعيد عن هذا السياق.
إذ لا يمكن لساق UTAH المذكورة سلفاً من تنفيذ المطلوب منها لولا برمجتها الدقيقة التي تعتمد على الذكاء الاصطناعي. ولتعزيز الفهم أكثر، إن زمن دورة المشي للساق السليمة لا يتجاوز الـ1.12 ثانية! بناءً على ذلك، إن الطرف الصناعي الذكي يستقبل الإشارات الحيوية من الجذمور والطرف السليم وكذلك من الجذع أو الأيدي ويحلل هذه الإشارات ويعطي الأمر للمحرك لتحريك الطرف الصناعي بالاتجاه والمكان والسرعة الملائمة، كل ذلك يجري بزمن يعادل رمشة عين واحدة أو رمشتين كحد أقصى! وهذا ما يبين مدى دقة حركة الطرف الصناعي الذكي وأن أي تأخير لأجزاء من الثانية سينهي الأمر بالمريض الذي يرتدي الطرف إما على الأرض وإما سيعاني من مشاكل جمالية في مشيته على أقل تقدير. لعل كل ما سبق يبرر ويوضح جلياً سبب ارتفاع تكلفة الطرف الصناعي الذكي، حيث تتراوح أسعارها بين 80-120 ألف دولار أمريكي.
ختاماً عن الطرف الصناعي:
إذ تنتشر اليوم الكثير من الأطراف الصناعية السفلية المصنوعة من السيليكون بحيث تصبح مشابهة لشكل الساق الطبيعية. لكنها ولسوء الحظ لا تقدم أي فائدة حيوية لمرتديها، فهي لا تؤمن سوى الناحية الجمالية للمريض حيث سيعاني من الآلام والمصاعب عند محاولته صعود الأدراج أو السلالم أو حتى خلال المشي الطويل نسبياً. لكن يبقى فارق التكلفة كبيراً جداً بين الأطراف الصناعية الميكانيكية التقليدية أو حتى السيليكونية وبين الأطراف الذكية. ويبقى الأمل معقوداً على الباحثين والمبتكرين المهتمين بهذا المجال من الوصول إلى نموذج ذو خصائص حيوية متقدمة وبسعر مناسب يسمح بانتشار الأطراف الذكية على نطاق واسع لاسيما مع كثرة الحروب والويلات التي تعصف سنوياً بدول العالم والتي تزيد بالتأكيد من أعداد مبتوري الأطراف السنوية بشكل دائم.